خطبة عيد الأضحى المبارك 1443 هجرية
عيد الأضحى المبارك 1443 هجرية([1])
الله أكبر (9) الله أكبر ما لبى ملب وكبر، الله أكبر ما حج
حاج واعتمر، الله أكبر ما ضحى مضح ونحر، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان
الله العظيم بكرة وأصيلا. الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا
فِيهِ ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى
اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى
بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ: فأوصي نفسي وإيَّاكم بتقوى
الله ، فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَكَبِّرُوهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ
الْعَظِيمَةِ؛ ﴿ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى
الْقُلُوبِ ﴾([2]).
أيها المسلمون: إنكم في يومٍ من أيام الله العظيمة؛ إنَّه يوم النحر يوم
عيد الأضحى المبارك؛ قال صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ
اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ . »([3]). والسِّر في تفضيل
يوم النحر على غيره من الأيام؛ اجتماع معظم أعمال الحج فيه؛ من رمي الحجاج لجمرة العقبة،
ونحر الهدي، والتحلل من الحج بالحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة، والسَّعي بين
الصفا والمرو الصفا والمروة ، إضافة إلى ذبح الأضاحي لغير الحاج، وهذه الأعمال لا تكون
في غيره ، فلذلك هو يومٌ عظيمٌ من أيام الله . الله أكبر .
عباد الله : إنَّ أعظم ما يميز أعياد الإسلام عن سائر الأعياد والمناسبات
أنها شرعت لحِكَمٍ بالغة ، ومقاصد سامية؛ فمن ذلك؛ تعظيم شعائر الله وإدخال الفرح والسُّرور
على المؤمنين، وإبراز سماحة هذا الدين ويسره على من اتبعه وسلك سبيله؛ يقول صلى الله
عليه وسلم « يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا
أَهْلَ الإِسْلاَمِ ، وَهِىَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ »([4]). الله أكبر .
أيها المسلمون: افرحوا بالعيد وافعلوا ما أمر به الدين؛ ألا وإنَّ ممَّا
يُسْتحب للمسلم فعله في عيد الأضحى: الفرح بالعيد: ولا شك أن الفرح بالعيد فرح بالدين
الذي شرعه الله عزَّ وجلَّ لعباده ؛ ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ
فَلْيَفْرَحُوا﴾([5]). فأعظم ما أنزل الله على عبادة من صور الرحمة؛ إنزال القرآن
والهدى الإيمان.
ومن ذلك: ذبح الأضحية؛ وهي سنة مؤكدة كما هو اختيار جمهور
الفقهاء، ووقتها بعد صلاةِ العيد؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « مَنْ ذَبَحَ
قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا ، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ
بِاسْمِ اللَّهِ »([6]). ووقت الذبح: أربعة أيام، يوم النحر، وأيام التشريق؛ لما
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « كُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ »([7]).
ويستحب للمضحي أن يأكل من أضحيته وأهل بيته، وأن يجعل منها
حظا للفقراء والمساكين، قال الله تعالى: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ
الْفَقِيرَ﴾([8])؛ كما يستحب للمضحي أن يذبح أضحيته بيده إن قدر على ذلك ،
وأن يسمي ويكبر الله عند الذبح، وأن يستر السكين ويحدها بعيداً عن الذبيحة، وأن لاَّ
يذبحها أمام أخواتها. وأن يحرص المضحي كذلك على نظافة البيئة من حوله ، ويجمع
مخلفات أضحيته في الأكياس الخاصة بالقمامة ، ولا يرميها على الطرقات ، حتى يؤجر
ولا يتسبب بالضرر والأذى لمن حوله ، عن أَبِي
بَرْزَةَ رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ يَا
نَبِىَّ اللَّهِ عَلِّمْنِى شَيْئًا أَنْتَفِعُ بِهِ قَالَ « اعْزِلِ الأَذَى عَنْ
طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ »([9]).. الله أكبر .
ومن الأعمال المستحبة في العيد: صلة الأرحام استجابةً لأمر
الواحد العلام ، وتأسيا بخير الأنام -عليه الصلاة والسلام-؛ فإن الله أوجب على العبد
أن يصل رحمه ولا سيما في الأفراح والأتراح ؛ فإن من وصل رحمه وصله الله ومن قطع رحمه
قطعه الله ؛ قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « قَالَ اللَّهُ : أَنَا اللَّهُ
وَأَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا مِنَ اسْمِى ، فَمَنْ وَصَلَهَا
وَصَلْتُهُ ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ »([10]). ولا يتوقف العطاء والبشاشة والزيارة على الأرحام فقط؛ بل
ينبغي على كل مسلم أنعم الله عليه بالسِّعة والرزق ، أن لاَّ ينسى إخوانه الفقراء واليتامى
والمحرومين . الله أكبر .. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من
كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
1-صلاة العيد وصفتها ركعتان
يكبر في الأولى ست تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام
. وفي الثانية خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام ، بلا فصل بالتكبير إلا بقدر تكبير المؤتم
، والتكبير قبل القراءة ، وكل تكبيرة سنة مؤكدة يسجد لتركها ولنسيانها أو زيادتها.
2-يستحب القراءة في الركعة الأولى بعد الفاتحة بسورة
الأعلى أو الغاشية .. وفي الثانية الشمس وضحاها أو الليل .
3-وخطبتان كالجمعة ، تستفتحان
بالتكبير ، ويتخللهما بلا حد.
ليست هناك تعليقات