الأمانة في الاختيار الناجح
الأمانة في الاختيار الناجح
الحمدُ للهِ الذِي أَمَرَ بِأداءِ الأمَاناتِ ، وَرَتَّبَ علَى ذلكَ جَزيلَ العَطايا والهِباتِ ، وَنَهى سُبحانَهُ عنِ الْمَكْرِ والغَدْرِ وسائِرِ الخِيَاناتِ ، وَأوْعدَ علَى ذلك أليمَ العَذابِ وَأَشَدَّ العُقُوباتِ ، أحَمَدُهُ تعالَى وأشكُرُهُ ، وأتوبُ إليهِ وأَستغفِرُهُ ، وأشهدُ أن لاَّ إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ له ، يُحِبُّ مِنْ عبادِهِ الصادِقينَ الأمُنَاءَ ، أَهْلَ البِرِّ وَالطُّهرِ والخيْرِ والْوَفاءِ ، وأشهدُ أنَّ سيِّدنا ونبِيَّنا محمداً عَبْدُهُ ورَسولُهُ ، وأمِينُهُ علَى وَحْيِهِ وخَلِيلهُ ، الْمَوْصُوفُ بِالصِّدقِ وَالأمانةِ ، اللهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ عليهِ ، وعلَى آلِهِ أهْلِ الطُّهْرِ والأمانَةِ ، وصَحْبِهِ أُولِي الفَضْلِ والعَدالةِ ، وتابِعِيهِمْ بِالْخَيْرِ والإحسانِ والدِّيَانَةِ ، وكُلِّ مَنْ تَحَلَّى بِالأمانةِ ، وتَخَلَّى عَنِ الخيانةِ ، إِلى يَوْمِ القيامةِ . أما بعد فَأُوصِيكُمْ عباد الله ونفسي بِتَقْوَى اللهِ الْحَمِيدِ الْمَجِيدِ، وَأُوصِيكُمْ بِالأَمَانَةِ فَهِيَ مِنَ الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ السَّدِيدِ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }الأحزاب . 70-71.
معاشر المسلمين : تَعِيشُ مَدِيِنَتِنَا سبها غدًا إن شاء الله تعالى ، انتخاب أعضاء المجلس البلدي ، حَيْثُ يَخْتَارُ السَّادةُ المواطنون ، أعضاء مجلسهم مِنْ خِلاَلِ هذه الانْتِخَابَاتِ ، وهذا يوقع عليهم مسئولية كبيرة ، في المشاركة الفاعلة ، لاختيار الأشخاص الأمناء الأقوياء الصُّلحاء . فَعَلَينا أَنْ نَخْتَارَ الإِنْسَانَ الْمُنَاسِبَ لِلْمَكَانِ الْمُنَاسِبِ ؛ مُرَاعِينَ دِينَ مَنْ نَخْتَارُ وَأَمَانَتَهُ، وَقُدْرَتَهُ عَلَى تَحَمُّلِ الْمَسْؤُولِيَّةِ وَكَفَاءَتَهُ، وَمَتَى اجْتَمَعَ فِي الْمُسْلِمِ الْعِلْمُ وَالْقُوَّةُ عَلَى الْعَمَلِ الْمَنُوطِ بِهِ، وَالأَمَانَةُ فِي حِفْظِهِ وَصِيَانَتِهِ وَالْقِيَامُ بِأَعْبَائِهِ: كَانَ أَهْلاً لِذَلِكَ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ } القصص:26 . وَلاَ يَكُونُ الاِخْتِيَارُ عَلَى أَسَاسِ الْمُحَابَاةِ وَالْعَصَبِيَّةِ وَالْمَصْلَحَةِ الشَّخْصِيَّةِ؛ فَلَيْسَ مِنَ النُّصْحِ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتِمَّ الاِخْتِيَارُ لِمُجَرَّدِ الاِنْتِمَاءِ إِلَى الْقَبِيلَةِ ، أَوِ الْعَائِلَةِ أَوِ الْفِئَةِ أَوِ الْحِزْبِ؛ بِحَيْثُ يُوَلَّى الْقَرِيبُ لِقَرَابَتِهِ ، وَالشَّرِيفُ لِشَرَفِهِ ؛ دُونَ الأَخْذِ بِعَيْنِ الاِعْتِبَارِ قُدْرَةَ الشَّخْصِ عَلَى حَمْلِ الأَمَانَةِ ، وَالْقِيَامِ بِالْمَسْؤُولِيَّةِ خَيْرَ قِيَامٍ ؛ إِذِ الأَمْرُ يَتَعَلَّقُ بِمَصِيرِ الْبَلَد وَمُسْتَقْبَلِهَا ؛ لاَ بِحَيَاةِ جَمَاعَةٍ وَمَصْلَحَتِهَا، وَكُلَّمَا كَانَ الاِخْتِيَارُ سَلِيماً ، كَانَتِ الثَّمَرَاتُ يَانِعَةً، وَالنَّتَائِجُ نَافِعَةً ، وَكُلَّمَا جَانَبَ الاِخْتِيَارُ الصَّوَابَ ، كَانَتِ الثَّمَرَاتُ مُرَّةً ، وَالنَّتَائِجُ ضَارَّةً ، فَإِنْ عُدِلَ عَنِ الأَحَقِّ الأَصْلَحِ إِلَى غَيْرِهِ ، لأَجْلِ قَرَابَةٍ بَيْنَهُمَا، أو قبيلة أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ مُرَافَقَةٍ فِي بَلَدٍ ، أَوْ مَذْهَبٍ أَوْ طَرِيقَةٍ أَوْ جِنْسٍ ، أَوْ لِرِشْوَةٍ يَأْخُذُهَا مِنْهُ مِنْ مَالٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَسْبَابِ، أَوْ لِضِغْنٍ فِي قَلْبِهِ عَلَى الأَحَقِّ، أَوْ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا: فَقَدْ خَانَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَدَخَلَ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: { يَأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} الأنفال:27 . وَنَحْنُ إِذْ نَتَحَدَّثُ عَنْ ذَلِكَ لاَ نَعْنِي أَنَّ الإِسْلاَمَ حَارَبَ الاِنْتِمَاءَ إِلَى الْقَبِيلَةِ أَوِ الْعَائِلَةِ وَنَحْوِهِمَا، بَلْ إِنَّ مُجَرَّدَ الاِنْتِمَاءِ أَمْرٌ مَشْرُوعٌ ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ الإِسْلاَمُ التَّعَصُّبَ لِذَلِكَ الاِنْتِمَاءِ وَالتَّفَاخُرَ بِهِ ؛ لأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى التَّشَاحُنِ وَالْعَدَاوَاتِ ، وَالتَّنَازُعِ وَالْخُصُومَاتِ ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يُرِيدُنَا أُمَّةً وَاحِدَةً لاَ تُفَرِّقُ بَيْنَنَا النَّزَغَاتُ وَالنِّزَاعَاتُ، قَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } الأنبياء:92. وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « . وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ».
أيُّهَا الإخْوةُ المُؤْمنُون : إِنَّ قِيمَةَ الإِنْسَانِ وَكَرَامَتَهُ فِي مِيزَانِ الإِسْلاَمِ ، إِنَّمَا هِيَ بِالتَّقْوَى وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ لاَ بِشَيْءٍ آخَرَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} الحجرات:13.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: وَلاَ يَنْبَغِي عَلَى الْمُسْلِمِ كَذَلِكَ ، أَنْ يَحْرِصَ عَلَى الْوِلاَيَاتِ وَالْمَنَاصِبِ، وَيُعَلِّقَ قَلْبَهُ بِهَا، وَيُدافِعَ بِطَمَعٍ وَقُوَّةٍ مِنْ أَجْلِهَا؛ فَإِنَّهُ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وُكِلَ إِلَيْهَا؛ فِي صحيح البخاري ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : « يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا» ..
وَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ طَلَبُ الْوِلاَيَةِ عَلَى شَيْءٍ ، وَهُوَ لَيْسَ بِكُفْءٍ لَهَا؛ وَإِلاَّ كَانَ خَائِناً لِلأَمَانَةِ، مُتَلاَعِباً بِمَصِيرِ الأُمَّةِ، مُؤْثِراً مَصْلَحَتَهُ الشَّخْصِيَّةَ ، عَلَى مَصْلَحَةِ الأُمَّةِ الاِعْتِبَارِيَّةِ، في صحيح مسلمٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ: إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا» .. وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي اجْتِنَابِ الْوِلاَيَاتِ ، لاَسِيَّمَا لِمَنْ كَانَ فِيهِ ضَعْفٌ ، عَنِ الْقِيَامِ بِوَظَائِفِ تِلْكَ الْوِلاَيَةِ، وَأَمَّا الْخِزْيُ وَالنَّدَامَةُ، فَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلاً لَهَا، أَوْ كَانَ أَهْلاً وَلَمْ يَعْدِلْ فِيهَا؛ فَيُخْزِيهِ اللهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَفْضَحُهُ، وَيَنْدَمُ عَلَى مَا فَرَّطَ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ أَهْلاً لِلْوِلاَيَةِ وَعَدَلَ فِيهَا ، فَلَهُ فَضْلٌ عَظِيمٌ ، وَمُنْقَلَبٌ كَرِيمٌ .
أَيُّهَا الأخ المسلم: كذلك عليك أن تكون حذراً فطنا ، بأن لا يخدعك ما يحدثُ من البعض ، من مُخَالَفَاتٍ شَرْعِيَّةٍ، وَظَوَاهِرُ مَرَضِيَّةٍ ، لاَ يَرْضَاهَا شَرْعٌ، وَلاَ يُقِرُّهَا عَقْلٌ، وَلاَ تَقْبَلُهَا الْفِطَرُ السَّوِيَّةُ، وَلاَ تَرْتَضِيهَا الأَعْرَافُ الْمَرْعِيَّةُ، وَمِنْ ذَلِكَ: اخْتِيَارُ بَعْضِ النَّاسِ لاَ عَلَى أَسَاسِ الْكَفَاءَةِ وَالأَمَانَةِ ، بَلْ عَلَى أُسُسٍ أُخْرَى ؛ كَالْمُحَابَاةِ وَالْعَصَبِيَّةِ وَالرِّشْوَةِ ،، ألاَّ فلتعلم أيها المسلم ، أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ اخْتِيَارُ مُسْلِمٍ لِمَنْصِبٍ مُقَابِلَ رِشْوَةٍ ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ وَسَائِلَ غَيْرِ شَرْعِيَّةٍ ؛ لأَنَّ فِي الرِّشْوَةِ ، تَعْطِيلاً لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَضْيِيعاً لِحُقُوقِ الآدَمِيِّينَ، وَظُلْماً لِلضُّعَفَاءِ، وَتَسَلُّطاً لِلأَغْنِيَاءِ، وَتَخْرِيباً لِلأَخْلاَقِ وَالذِّمَمِ، وَتَدْمِيراً لِلشُّعُوبِ وَالأُمَمِ، وَهِيَ سُحْتٌ وَحَرَامٌ ، في مسند الإمام أحمد : عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : « لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي».. وَمِنْ صُوَرِ الرِّشْوَةِ: دَفْعُ الأَمْوَالِ لِشِرَاءِ الأَصْوَاتِ، أَوْ لِتَزْكِيَةِ مَنْ لَيْسَ أَهْلاً لِلتَّزْكِيَةِ ، أَوْ تَوْظِيفُ الْمُحْتَاجِينَ نَظِيرَ التَّصْوِيتِ لِلْمُرَشَّحِ ، أَوْ تَقْدِيمُ الْهَدَايَا الْمَشْبُوهَةِ لاِكْتِسَابِ أَصْوَاتِ الْمُنْتَخِبِينَ ، وَبِالْجُمْلَةِ: كُلُّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ اخْتِيَارُ غَيْرِ الْقَوِيِّ الأَمِينِ مِنْ هَذِهِ الصُّورِ وَغَيْرِهَا: يُعَدُّ رِشْوَةً مُحَرَّمَةً، وَهَذِهِ إِضَاعَةٌ لِلأَمَانَةِ .. ألا فلنتق الله عباد الله ، وَلْنَحْذَرِ الْخِيَانَةَ في الأمانة ؛ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ، وَلْنَكُنْ عَلَى قَدْرِ الْمَسْؤُولِيَّةِ تُجَاهَ دِينِنَا ، وَقِيَمِنَا وَوَطَنِنَا، وَحَذَارِ مِنَ الْفُرْقَةِ وَالْخِصَامِ ، وَالْفِتْنَةِ وَالاِنْقِسَامِ ، فَمَا أَجْدَرَنَا – إِذَا الْتَزَمْنَا دِينَنَا - أَن نَكُونَ أُمَّةً تَسِيرُ بِخُطىً ثَابِتَةٍ ، نَحْوَ الْعِزَّةِ وَالرُّقِيِّ وَالْمَجْدِ، وَالرِّفْعَةِ وَالْبِنَاءِ وَالسُّؤْدَدِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } النحل:128 . وَرَحِمَ اللهُ مَنْ قَالَ:
أَدِّ الأَمَانَةَ وَارْعَ الْعَهْدَ مُحْتَسِباً -- وَاخْشَ الْخِيَانَةَ وَاحْذَرْ زَلَّةَ الْقَدَمِ
إِنَّ الْوَفَــاءَ لِدِينِ الْحُرِّ مُعْتَقَـدٌ -- بِـهِ الْفَـلاَحُ وَفِيـهِ قِمَّـةُ الْقِيَــــمِ
وفقنا الله جميعا لأداء الأمانة ، وحمانا من الإضاعة والخيانة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، أَقُولُ قولي هذا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ ولسائر المسلمين من كل ذنب فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَمَرَ بِأَدَاءِ الأَمَانَةِ ، وَحَرَّمَ الْغَدْرَ وَالْخِيَانَةَ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، مَنِ اتَّقَاهُ وَقَاهُ ، وَمَنْ حَفِظَ حُدُودَهُ أَعْلَى قَدْرَهُ وَأَعْظَمَ شَأْنَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونبينا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، بَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَأَدَّى الأَمَانَةَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وبارك عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ اتَّبَعُوا سُنَّتَهُ ، وَأَحَبُّوا شَرِيعَتَهُ، وَحَازُوا فَضْلَهُ وَعِرْفَانَهُ . أما بعد فلنتَّق اللهَ عباد الله ، ولنعلم أنَّنا جميعاً مُؤْتَمَنُونَ علَى أمْنِ هَذا الوَطَنِ ، فلنحْسِن الاختيارَ لِمَنْ يُمثِّلُنا، ولنجتهد لما فيهِ مصلحةُ دينِنَا ودُنْيانا، وَلْنَعْلَم أنَّنا مسئولونَ أمامَ اللهِ عزَّ وجلَّ عَنْ هذِه الأمانَةِ، ولنتذكَّر أنَّنا سَنَقف بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عزَّ وجلَّ وسيَسْأَلُنا عَنْ هذهِ الشهادَةِ كَما قالَ سبحانه { سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} الزخرف:19. نسأل الله تعالى أن يوفقنا لأداء الأمانة ، وأن يحفظنا من إضاعتها ، أو التَّساهل فيها ، إنه سميع قريب مجيب الدعاء ، هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْنَا بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وارض اللهم عن آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عن التابعين وعنا معهم بمنك وجودك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأَكْرَمِينَ . اللَّهُمَّ اهْدِنَا لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا لاَ يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا الصِّدْقَ وَالأَمَانَةَ، وَجَنِّبْنَا الْغَدْرَ وَالْخِيَانَةَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ. اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا يَا رَبَّنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَأَهْلَهُ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَأَهْلَهُ، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ ، إنك سميع قريب مجيب الدعوات .
ليست هناك تعليقات