جديد المدونة

اختيار الزوج الصالح والزوجة الصالحة


اختيار الزوج الصالح والزوجة الصالحة
الحمدُ لله الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً ، فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً ، وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً ، أحمده على نعمه التي تترى ، وهو الذي خلق بقدرته الذَّكَر والأنثى ، وشرع الزَّواج لهدفٍ أسمَى وغايةٍ عُظمى ، فله الحمد على نعمه التِّي لَا تعدُّ ولا تحصى ، وأشهد أن لَّا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماءُ الحسنى ، وأشهد أنَّ سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أَعْظَمُ النَّاس قدراً وَأَرْفَعَهُمْ ذِكراً ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ، الذين قاموا بالحقِّ وكانوا به أحرى ، وعلى التابعين لهم بإحسان وسلَّم تسليما كثيرا .. أما بعد ، فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله القائل {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ، وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الروم21.
معاشر المسلمين : إِنَّ الْأُسْرَةَ ، هي اللَّبِنَةُ الأولى في بناء المجتمع الإسلامي ، وبناءِ الحياةِ الإسلامية ، الأسرة هي أساسُ المجتمع ، وفي ظلال الأسرة يتربَى الْفَرْدُ الصَّالح ، وتنمُو الْمَشَاعِرُ الصَّالحة، مَشَاعِرُ الأبُوَّةِ والأُمُومَةِ ، والْبُنُوَّةِ والْأُخُوَّةِ ، وَيَتَعَلَمُ النَّاسَ التَّعَاوُن على الخير وعلى البِّرِ في ظِلِّ الأُسرة ، ولذلك أولُ أساسٍ بَنَى عليه الإسلام الأسرة ،، ويبدأُ التَّأْسِيسُ للأُسْرةِ بحسن الاختيار ، كيف يختارُ الرَّجُلَ الزَّوجةَ الصالحة ؟ وكيف تختارُ المرأةَ ومعها أولياؤُها الزوج الصالح ؟ فَأَوَّلُ أَساسٍ هو هذا ، الناس يخطئون حين يسيئون الاختيار، فالرَّجل حينما يريد أن يتزوج ، يبحث مثلاً عن المال أو عن النسب أو عن الحسب، لا مانع أن يبحث عن هذا، إنما ينبغي أن يكون نُصْبَ عينيه ، الدِّين والصَّلاح ، ولذلك جاء في الحديثِ الصَّحِيح ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ». وجاء في الحديث الصحيح أيضا قوله عليه الصَّلاة والسَّلام « تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ » .. صحيحٌ إخوة الإيمان : أنَّ الواحِدَ مِنَّا ، مُمْكِنٌ أن يبحث عن الجمال ، وعن المال والحسب والنسب، إنما أن تظفر بذاتِ الدِّين ، هذا هو الكنـز العظيم ، هذا أول ما ينبغي للمرءِ أن يبحث عنه ، المرأةُ الصَّالحة، وخصوصاً أَنَّ هَذِهِ المرأةَ سَتُوَّرِثُ أبناءَها منها، بحكم الوراثة وبحكم البيئة والتربية ،، ولذلك جاء في سنن الدار قطني عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اخْتَارُوا لِنُطَفِكُمُ الْمَوَاضِعَ الصَّالِحَةَ ». . وفي الشعر العربي يقول الأب لأولاده:
لَمَاجِدَةُ الْأَعْرَاقِ بَادٍ عَفَافُهَا
                      وَأَوَّلُ إِحْسَانِي إِلَيْكُمْ تَخَيُّرِي
فهو يقول لهم ، أَنَّ أوَّل شيء أحسنت إليكم به، أنني اخترت لكم أمّاً صالحة، هذا عمل عظيم، أول ما يَمُنُّ به الإنسان على أولاده ، أنى اخترت لكم الأم ، فهذه من ناحية الرجل ، وكيف يختار الزوجة الصالحة ، التي تسره إذا نظر، وتطيعُه إذا أمر، وتحفظه إذا غاب { فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ }النساء34 . فهناكَ امْرَأَةٌ تَكُونُ نِعْمَةً ، وأخرى تكون مُصِيبَةٌ ونقمة، إذا دخلتَّ عليها سبَّتك، وإذا غبت عنها خانتك والعياذ بالله ، في مسند الإمام أحمد أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلاَثَةٌ ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلاَثَةٌ ، مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ ، الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ، وَالْمَسْكَنُ الصَّالِحُ ، وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ ، الْمَرْأَةُ السُّوءُ ، وَالْمَسْكَنُ السُّوءُ ، وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ ».
وأمّا من ناحية المرأة إخوة الإيمان : فهي ينبغى عليها أيضاً ، أن تختار الرجل الصالح والزوج الصالح ، وكذلك أوليائها معها ، يشاركونها في هذا الأمر، في سنن الترمذي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ».. فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم  في هذا الحديث بتزويج من كان مَرْضِيَّ الدِّين والخُلُقُ، وهذا يدل على أنه من كان فاسد الدِّينِ سَيِّئَ الخلق ،لا ينبغي تزويجه ، ففيه حث على اختيار الأزواج ، واعتبار المؤهلات الشرعية ،، ثم علينا أنْ ننتبه يامعاشر الآباء حفظكم الله ، أنه نظراً لقدوم كثيرٍ من الوافدين على بلادنا ، من جنسياتٍ مختلفة من بلداننا العربية ، ومن طوائف غيرِ سُنِّيَّةٍ ، وقد تقدم البعض منهم للزواج من ليبيات ، فعلى أولياء الأمور، أن ينتبهوا لخطورة تزويج بناتهم من هؤلاء ، طمعا في المال ، أو تخلصا منهن لكبر سنهن ، أو غيرها من الأسباب ، فعليهم الانتباه لديانة وأخلاق هؤلاء الوافدين ، فكثيرٌ من الأولياء سامحهم الله ، لا يُعِيرون هذا الجانب وغيره من الجوانب الأخرى ، اهتماما عند تزويج مُوَلِّيَتِه، فلا يختار لها الرجل الذي أرشد إليه رسولنا صلى الله عليه وسلم ، وإنما يختارُ لها الرَّجُلَ الذي يَهْوَاهُ هُوَ، حتى ولو كان فاسدًا في دينه، سيئًا في خلقه، لا مصلحة للمرأة من الزواج به ، فكم سمعنا من مشاكل النساء، اللاتي وقعن في سوء الاختيار، فينبغي لولي الأمر أن يسأل وبحرصٍ وجديَّةٍ ، عن المتقدم لابنته ، حتى لا يقع في المحظور ، فَيُشْقِي بذلك حياةَ ابنته ويشقى هو معها ، وكما قال بعض السلف « إذا زوَّجت ابنتك فزوجها ذا دين ، إن أحبَّها أكرمها ، وإن كَرِهَهَا لم يظلمها » حتى في حالة البغض لا يظلمها لأنه يخاف الله ، والذي يخاف الله لا تخشى منه، فزوِّجها ذا دين، ولذلك قال الشَّعْبِيُّ وهو من أَئِمَّةِ التابعين: « من زوَّج ابنته من فاسق فقد قطع رحمها». فيا أيها الولي عليك  أن تتحرى وتسأل وتدَّقِقَ عن الخاطب ، حتى يتبين لك حاله أتم بيان ، فإما أن تقبله براحة أو ترده بقناعة. نسأل الله تعالى أن يرزق أبناءنا زوجاتٍ صالحات وأن يرزق بناتنا أزواجا صالحون ، إنه سميع قريب مجيب الدعاء ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .. 
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى ، وسلام على عباده الذين اصطفى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله ، الإمام المصطفى والحبيب المجتبى ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ، ومن سار على النهج واقتفى . أما بعد ، فاتقوا الله عباد الله ، واعلموا أن حسن الاختيار الصحيح  ، طريقٌ لصلاح الأسرة ، وأمان للمجتمع كله ، فهي تنتج لنا أبناءً صالحين ، على درجةٍ عاليةٍ من الخلق والدين ، والأدب الرفيع والعلم النافع ، فتنتقل هذه الآداب عن طريقهم ، من أسرهم  لمجتمعهم ، فيقتدى بهم أقرانهم وأصحابهم ، فينموا المجتمع ويتطور ويتربى على الأخلاق الفاضلة ، والخصال الحميدة ، وَيَكُونَ هؤلاء الأبناء ، سعادةً لآبائهم وأمهاتهم ، في الدنيا وفي الآخرة {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ، وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ، وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ، سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ }الرعد 23 .24 نسأل الله تعالى أَنْ يُقِرَّ أَعْيُنَنَا بأبنائنا وبناتنا وزوجاتنا وذرياتنا ، وأن يجعلنا للمتقين إماما ،، هذا ثم صلوا وسلموا على إمام المرسلين، وقائد الغر المحجلين، فقد أَمَرَنَا الله تعالى بالصلاة والسلام عليه في محكم كتابه المبين حيث قال عز قائلا عليما{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداءك أعداء الدين ، اللهم اجعل بلادنا أمنا وأمانا ، محفوظة بحفظك مرعية برعايتك ، واحفظها من شر المفسدين ومن المخربين ، واجعل فسادهم يعود عليهم يارب العالمين ، اللهم وفق وأعن وامدد بمددك من وليتهم زمام الأمور في بلادنا ، اللهم اجعلهم صالحين مصلحين عاملين صادقين مخلصين لما ينفع البلاد ويسعد العباد ، اللهم أصلح نساءنا ونساء المسلمين، واجعلهن صالحات مصلحات تقيات متسترات واجعلهن اللهم في الجنات ، ربنا اجعلنا لديننا محافظين ، ولنسائنا وأبنائنا وبناتنا راحمين ناصحين ، وفي أوجه الخير لهم مرغبين وموجهين ، وعن مسالك الشر محذرين ومخوفين يامن تجيب دعوة المضطرين ، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات ، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ، إنك سميع قريب مجيب الدعوات ،

ليست هناك تعليقات

نعتز بديننا وبتراثنا وأصالتنا

المتابعون