جديد المدونة

المرأة في ديننا


المرأة في ديننا
الحمد لله ، شرع الشَّرائِع فأحكمها، وسنَّ الأحكام وسلمها ، الحمد لله الذي أكرم الإنسانَ عن طبائع الحيوان، وأعطى كل مخلوقٍ حقه وما يَصْلُحُ له من غير زيادةٍ ولا نقصان ، أكرم النِّســاء بالعفاف، وأوجب على الرجال صيانتهن والإِنْفَاقَ عليهن بالكفاف ، حماهن من التَّبَرُجِ والسُّفُور، ورفعهن عن عُهْرِ الفاحشة و الغرور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له {أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } يوسف40 . وأشهد أنَّ سيِّدنا ونبيَّنا محمداً عبده ورسوله ، المبعوث رحمة للناس بشيراً ونذيراً، لتطيعوه وتتبعوه لعلكم تفلحون، صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا . أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله القائل سبحانه { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ، وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ، وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء، وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَّاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ ، إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء1 .
أيها الأخوة المسلمون : هِيَ أمٌّ وَهْنًا حملت ، وَكُرْهًا وضعت ، فلبنًا أرضعت ، وعينًا سهرت ، وَسَقَمًا دَاوَتْ ، أطعمت وسقت ، نصحت وأرشدت ، هي أُخْتٌ عطفت وخدمت ، هي زوجةٌ لِزوجٍ سكنت وحصَّنَت ، هي ابنةٌ بَرَّت ، هي عمةٌ ، هي خالةٌ ، هي جدة ، تجدها أَنَّى اتَّجَهْت ، من أَضْلُعِنَا خُلِقَت، هُنَّ شقائقُ الرجال ، والشطر الثاني من النوع الإنساني ، كانت في الجاهليةِ مُهانةً ، لا وزنَ لها ولا كرامة ، تباعُ وتشترى ، تُوئَدُ وَتُورَثُ وَلَا تَرِث ، لا قيمة لها إلا بقدر ما يحتاجها الرجل ، لقضاء شهوة ، أو أداء خدمة ،، البشير بها نذير، بِشْرٌ وَبِيل ، ويوم قدومها للدنيا يوم بؤس ، قال سبحانه وتعالى عن حالهم {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ ، يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ، أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ، أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ }النحل58 ،59.  كانت المرأة على ذلك ردحا من الزمن ، حتى أَذِنَ الله لظلمات الجاهلية أن تَنْدَحِر ، وَأَذَّنَ مُؤَذِّنُ الإسلام بإشراق فجر الحرية، لتنالَ المرأةُ أعلى مراتب العزة والكرامة ، تخرج المرأةُ للدنيا ، فَيَعُدُّهَا الإسلام نعمة وهبة ، بل ويقدمها في موطن الإنعام على الرجل ، قال تعالى {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ، يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ، أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً  }الشورى49 ، 50 . سَوَّاهَا الشرع الحنيف بالرجل في التَّكاليف الشرعية ، والجزاءِ المترتبِ عليها {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }النحل97 . أمر الشرع المطهر بالإحسان إليها أُمّاً ، فهذا رجلٌ يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ، سائلا  يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِى قَالَ « أُمُّكَ » . قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ « أُمُّكَ » . قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ « أُمُّكَ » . قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ « ثُمَّ أَبُوكَ » رواه مسلم. أمر بالإحسان إليها بنتا وأختا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- « مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاَثُ بَنَاتٍ ، أَوْ ثَلاَثُ أَخَوَاتٍ ، أَوِ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ ، وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ ، فَلَهُ الْجَنَّةُ » رواه الترمذي. أمر بالإحسان إليها زوجة ، فقال صلى الله عليه وسلم « .. اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ».  وقال « خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ ...» رواهما ابن ماجة . ، المرأة في الإسلام ، أهلٌ للمشورة ، فهذه أمُّنَا أمُّ سلمةَ رضي الله عنها ، تُشير على النبي صلى الله عليه وسلم أن يَدْعُو حَالِقَهُ ، فَيَحْلِقَهُ وينحر هديه ، لَمَّا رَفَضَ النَّاسُ أَمْرَه ، غَدَاةَ عَقْدِ صُلْحِ الحديبية ، هَمّاً وَغَمّاً لعدم دخول مكة ،، بل لقد كانت عائشة رضي الله عنها ، قامةً من قامات العلم ، ومن المكثرِين من رواية الحديث .. المرأة في الإسلام ، أهلٌ للتَّكَسُّبِ المشروع ، وذمتها المالية منفصلةٌ عن الرجل ، قال تعالى  {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً }النساء4.. حفظ الإسلام لها نصيبها من الميراث ، بآياتٍ تتلى إلى قيام الساعة { وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً }النساء7. والإسلام مع ذلك لم يطالب المرأة بالنفقة ، بل جعل نفقتها بنتا وزوجة وأختا وَأُمًّا في عنق الرجل .
عباد الله : بيت المرأة هو مملكتها ، ووظيفتها الأساسية ، إعداد القادة العظام ، والأمُّ مدرسة إذا أعددتها ، أعددت شعباً طيب الأعراق ، ووراء كُلَّ عظيمٍ امرأة ، ومع ذلك فالإسلام لا يمنع المرأةَ من العمل إذا احتاجت إليه ، أو احتاج إليها المجتمع، فالمجتمع يحتاج إلى الطبيبة ، والمعلمة ، وغير ذلك من المهن التي تغشاها النساء ، وكل ذلك في ديننا، يمارسُ في إطارِ سياجٍ آمنٍ من الفضيلة ، والابتعاد عن مواطنِ الشُّبُهات ، والاختلاط المشين ...
عباد الله : عاشتِ المرأةُ في الإسلامِ عزيزة كريمة، وحققت بالتزامها بِأَوَامِرِ ربها ، مع أبيها وأخيها وزوجها وابنها للأمة أقصى درجاتِ الرُّقِيِ والتقدم، كانت ترى سعادتها في بسمةٍ لزوجها ، واحترامٍ لأبيها ، كانت تعرف معنى الحب ، وتجهل معنى الغرام .
أيها الأحبَّة : إن أعداء هذه الأمَّة ، في حديثٍ لاَ يَكِلُّ عن المرأة وحقوقها ، يتحدثون عن حريتها ، والله أعلم بما في صدورهم ، إن يريدون إلا حُرِيَّةَ الوصول إليها ، المرأة المتحررة عِنْدَهُم ، هي الْمُنْفَلِتَةُ من كل قيد ، المتمردة على كل الثوابت ، هي اللاهثة وراء قوتها العارضة لزينتها ، الْمُسْتَخْدَمَةُ للترويج للسلع ، في امتهانٍ لكرامتها وآدميَّتِها ، كلُّ ذلك بدعوى الحضارة ، وهل تهاوت أُمَّتُنَا في قعر التَّخلف ، إلا حين تخلت عن شريعة ربها ، مَا الرَّابِطُ بين تقدمِ المرأةِ وَتَعَلُمُهَا ، وأن تكون في أعلى مراتب العلم والمعرفة ، وبين عُرْيِّهَا وَتَهَتُّكِهَا .. ها هي الأمم المتحدة ، تسعى لإصدار وثيقة ، تزعم أنها لإيقاف العنف ضد المرأة ،، من بنودها: أن الرجل والمرأة متساويان في الحقوق والواجبات ، وبالتالي يقتسمان النفقة وتربية الأولاد وشغل البيت ، ولو استطاعوا لقالوا عليهما أن يتبادلا الحمل والإرضاع .. في وثيقتهم ، للمرأةِ الحق في التمنع عن تلبية رغبة زوجها فيها ، فإذا طالها دون رغبة ، فذاك يُعَدُّ تحرشا واغتصابا ، في وثيقتهم ، إباحةٌ للشُّذوذ وتقنينٌ للزواج المثلي .. والمشكلةُ أن الدِّوَلَ مدعوةٌ للتوقيع على هذه الوثيقة، مما يعني تدخل الأمم المتحدة في الشأن الداخلي، وخصوصيات كلِّ دولةٍ وَقَّعَتْ عليها ، ومن هذا المنطلق ، فإننا في ليبيا شعبٌ رضيَ بالله ربا، وبالإسلام دينا ، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيّاً ورسولا ، نرفض وبشدة هذه الوثيقة ، ونحذر حكومتنا الموقرة ، من الانجرار خلف الناعقين، لضرب قواطع النصوص وثوابت الشريعة ، فديننا خطٌّ أحمر ، لا ينبغي المساس بثوابته وأحكامه ، أو التعدي على نصوصه وتشريعاته، وعلينا جميعا المحافظةَ عليه وعلى ثوابته ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ، قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى ، وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ ، مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة120. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام ، وأرسل إلينا محمداً خيرَ الأنامِ ، واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، واشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله ، صلى وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين : أما بعد ، فاتقوا الله عباد الله ، ثم صلوا وسلموا الحبيب المصطفى ، والنبي المجتبى ، سيِّدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم  ، فقد أَمَرَنَا رَبُّنَا جلا وعلا بقوله سبحانه { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ،  اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد ، وارضى اللهم عن آله وصحابته أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ودمِّر أعداءك أعداء الدين ، واجعل بلدنا ليبيا أمنا وأمانا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين  ، اللهم احفظ بلادنا وشعبها من كل مكروه ، واجعلنا متسامحين ، متعاونين على كل خير يُصْلِحُ العباد ويحفظ البلاد ، واحفظ كافة مجتمعات المسلمين ، اللهم إنا نسألك أن ترينا من بنات المسلمين، وأمهات المسلمين، وأخوات المسلمين ما تقَرُّ به الأعين، صالحات، قانتات، تائبات، عابدات ، اللهم ارزقهن التقى والعفاف والطهر ، والهداية لكل خير ، اللهم بارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وأزواجنا وذرياتنا وأموالنا وأوقاتنا واجعلنا مباركين أينما كنا ، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات ، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ، إنك سميع قريب مجيب الدعوات ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم .
عباد الله : {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النحل90 ، اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه وآلائه وفضله يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون. 

ليست هناك تعليقات

نعتز بديننا وبتراثنا وأصالتنا

المتابعون