جديد المدونة

خطورة الخمر والمسكرات


خطورة الخمر والمسكرات
الحمد لله فارج الكربات ، والشدائد والمكروهات ، مجيب الدعوات ، سبحانه حرم علينا الخبائث، وأحل لنا الطيبات، ومنعنا من الرذائل والمضار والقاذورات ، أحمده سبحانه حمداً يملأُ الأرض والسماوات، وأشكره على ما أولاه من الإحسان، والفضل والكرامات ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له في ربوبيته، ولا في ألوهيته، ولا في الأسماء والصفات. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، سيد الناس على الإطلاق، والهادي إلى سبيل الجنات، والمحذر من طرق الغي، والبغي والعدوان، وجميع الضلالات، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أولي الفضل والكرامات، صلاةً وسلاماً دائمين متعاقبين على مر الأوقات. وسلم تسليما كثيرا  أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله ، فاتقوا الله تعالى، وتمسكوا بالطاعات، واحذروا سخط الرب وعقابه، وجميع المعاصي والمخالفات ، {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً ، وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ ، وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ }آل عمران30 .
عباد الله :  إن ربنا سبحانه وتعالى ، حرَّم علينا كل رذيلة مُضرَّة ، وأمرنا بكل فضيلة تنفعنا في الحياة وبعد الممات. وقد وقع مع الأسف الشديد ، بعض أهل الإسلام في رذائل كثيرة ، وجرائم عظيمة، قد حرمها الإسلام في جميع الأوقات . ومنها: هذه الخمر، التي حرمها الله ؛ لأنها أم الخبائث والقاذورات ، وما شهدناه في بلدنا ليبيا خلال هذا الأسبوع ، من تعاطٍ للخمور الفاسدة ، التي وصل ضررها لأكثر من سَبْعِمِائَةِ شخص ، رحل منهم عن  هذه الدنيا أكثر من ستين شخصا ، غادروها سكارى وسيبعثون يوم القيامة سكارى عياذا بالله تعالى ، نسأل الله السلامة والعافية والثبات ،  وإن من سعادة العبد إخوة الإيمان ، أن يوفقه الله لعمل صالح يُدَاوِمُ عليه ، ثم يقبضه على أحسن خاتمة ، فالمرء يحشر على ما مات عليه ، في صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ ، سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ ».  فيا أيها المسلم ، يامن ابتُليت  بشرب الخمر وغيرها من المحرمات ، إياك أن تختار لنفسك نهاية سيئة ، تُضَيِّعُ بها دنياك وآخرتك ، فهذه الأعمال  تسلب منك الإيمان ، وتوقعك في غضب وسخط الرحمن ، في صحيح البخاري عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَزْنِى الزَّانِى حِينَ يَزْنِى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ ».
إخوة الإيمان : غير أن القلب ليحزن ، والعين لتدمع ، حين تُفْجَعُ البلدُ في شبابها ، وتفقد فِلِذَّاتِ أكبادها، في نهايةٍ مأساويةٍ وخاتمةٍ سيئة ، إن ما حدث خلال الأيام الماضية ، من وفاة ثُلَّةٍ من أبناء هذه البلاد بِسُمٍّ مَسْمُومٍ ، ليبعثُ برسائلَ سريعة ، خَطَّتْهَا مُهَجٌ أُزْهِقَتْ ، وَأَدْمُعٌ أُهْرِقَتْ ، الفاجعة تبعث برسالة إلى بعض الشامتين ، تقول لهم ، وَمَتَى كَانَ الْمُؤْمِنُ يَفْرَحُ بِخَاتِمَةِ سوءٍ لِأَخِيهِ ، ما يَسُرُكَ لو عذَّبَ الله أخاً لك ؟ أفلا دعوت لأخيك بالرحمة وإن مات على كبيرة!! هلا دعوت للمصابين بالشفاء ، وأن يطيل الله أعمارهم ، ويرزقهم الهداية !! تذكر أنك قد تموت على معصية يسترها الله عليك!! في صحيح مسلم عن سهل بن سعدٍ الساعدي رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ...إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ». الفاجعةُ  أيها الإخوة : تبعث برسالةٍ إلى الأسر ، أن أفيقوا وانتبهوا إلى أبنائكم وبناتكم ، وكفى بالمرء إثما ، أن يضيع من يعول، الفاجعةُ تُذَكِّرُ اللاهين العابثين ، المتعاطين لأمِّ الخبائث ، أن أفيقوا وتوبوا إلى الله لعلكم ترحمون، وَتُذَكِّرُهُم بمنة الله عليهم ، إذ لم يكونوا من ضحايا الفاجعة ؛ الحدثُ يَصْرُخُ فِي أُذُنِ الْحُكومة وأجهزتها، أَنَّ الله سَائِلَكُمْ ثُمَّ الشعب عما استرعاكم ، فأعدوا الجواب ؟ !! الفاجعة تذكر العاملين في حقل الدعوة إلى الله ، بحق الناس عليهم ، وحاجتهم إلى الكلمة الصادقة ، والموعظة الحسنة ، والقلب المشفق الخائف على العصاة من النار .. إنَّ هذه الآفات إيها الإخوة : التي  أصابت بعضا من شباب بلادنا ، أتت أولاً بسبب بعدهم عن الله وضعف الوازع الديني في نفوسهم ، وثانيا: بتهاون المسئولين في محاربة هذه الظواهر المفسدة للعباد والبلاد ، فضررها على الإنسان كبير، وأثرها على المجتمع خطير. وهي تزيل النعم ، وَتُحِلُّ النِّقم، وتفسد عقل الإنسان، الذي هو أشرف شيء عنده، وتجعله مثل المجنون، لا يدري كيف يصنع، أو كيف يعمل ، إن من السَّفَهِ إخوة الإيمان أن يشتري الإنسان لنفسه الجنون، حتى يتصرف بغير شعور، ويزيد إذا كان الناس ينظرون إليه ولا ينكرون عليه ، فتزداد الشرور ويكثر المتعاطين . وما وقع هذا الشر في أمة، إلا وفقدت حفظ الله لها، وتدهورت، وهوت في هوة سحيقة، وفي دركات عميقة، توصلها إلى الفشل والدمار، وتسليط الأعداء، ثم إلى النار، والعياذ بالله . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ، وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} المائدة 90-92. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله ، إمام المتقين وقدوة الناس أجمعين ، وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،، أما بعد فاتقوا الله عباد الله ، ثمَّ اعلموا أنه يجب علينا أن نعود إلى أنفسنا ، وأن ننتبه لأسرنا ومجتمعنا ، وأن نعلم أن هذه الخمور والمسكرات والمخدرات ، التي تفشت في مجتمعنا ، تحتاج منا إلى وِقْفَةٌ جادة لمحاربتها والقضاء عليها ، ثُمَّ بالإيمان وحسن الرعاية والاهتمام ، وبتعاوننا جميعا حكومةً وشعبا ، نستطيع مقاومة هذه الآفات ،  فهلا قمنا بذلك ، هلا كنا عونا لكل شاب ، كاد أن يسقط في هاوية من هذه الهاويات، فانتشلناه منها قبل أن يسقط ، ونحن بذلك نحقق مبدأ الأخوة الإيمانية الحقة : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ، فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ، وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }الحجرات10 .. فاتقوا الله يا عباد الله واسألوه العصمة من كبائر الإثم والفواحش ، والتوبة  من جميع الإثم والمعاصي ، وتعاونوا على البر والتقوى ، ومنع الإثم والعدوان ، هذا ثم صلوا وسلموا على حبيب الله ، محمد بن عبد الله ، فقد أمرنا بالصلاة والسلام عليه بقول ربنا جل وعلا  {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }الأحزاب56 اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد ، وارض اللهم عن آله وأصحابه أجمعين ، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداءك أعداء الدين يارب العالمين ، اللهم ارحم أرواحا صعدت إليك على خاتمة لا نحبها ، واشف أقواما نرجو لهم الهداية ،، اللهم من أراد بلادنا بخير فوفقه لكل خير وأعنه عليه ، ومن أرادها بسوء فرد كيده في نحره ، واجعل تدبيره تدميره يا رب العالمين ،، اللهم جنبنا منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء ، ووفقنا للتوبة النصوح والإنابة إليك ، واغفر لنا ولوالدينا  ولجميع المسلمين والمسلمات ، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ، إنك سميع قريب مجيب الدعوات ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم عباد الله :{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}النحل90

ليست هناك تعليقات

نعتز بديننا وبتراثنا وأصالتنا

المتابعون