جديد المدونة

مولد الهدى والنور


مولد الهدى والنور

الحمدُ للهِ وسلامٌ على عِبادِهِ الذينَ اصطَفَى ، الحمدُ للهِ الواحِدِ الاحَدِ ، الفردِ الصَّمَدِ ، الذي لم يلدْ ولم يُولّدْ ولم يكُن لَهُ كُفُواً أحد ، أحمَدُهُ تعالى وأستَهْديهِ وأسترشِدُهُ ، وأتوبُ اليهِ وأسْتِغفِرُهُ ، وأعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفُسِنَا وسيِّئاتِ أعمالِنَا ، من يهْدِهِ اللهُ فهوَ المُهتد ، ومن يُضْلِلْ فلنْ تجدَ لَهُ ولياً مُرشِداً ، والصّلاةُ والسّلامُ على سيّدِ الانبياءِ وخاتَمِ المرسلينَ، من بَعَثَهُ ربُّهُ رحمةً للعالمينَ ،الصّلاةُ والسّلامُ عليكَ يا سيدي يا رسولَ اللهِ ، يا من بشَّر بك الملأُ الأعلى قبل ولادتك ، الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله ، يا من نَطَقَ الانبياءُ بالبشائِرِ بِبِعْثَتِكَ ومولِدِكَ، الصّلاةُ والسّلامُ عليكَ يا سيّدي يا رسولَ اللهِ ،، يا من بَشَّرَ بمولِدِكَ وبِعْثَتِكَ الكُتُبُ السَّماويَّةُ كلُّها ، وأشهدُ الا الهَ الا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ ،أرسَلَ رسولَهُ بالهُدى ودينِ الحقِ ليُظهِرَهُ على الدّينِ كُلِّهِ ولو كره الكافرون ، وأشهدُ أنَّ سيَّدَنَا وَنبِيَّنا مُحمداً عبدُهُ ورسولُهُ ، وصفيُّهُ وخليلُهُ ، بَعَثَهُ اللهُ رحمةً مُهداةً للعالمينَ ، أقامَ صُرُوحَ العدلِ وحاربَ الظُّلمَ ، دَعَا الى عبادَةِ اللهِ الملكِ الدَّيَّانِ ، وحارَبَ الشِّركَ وحطَّمَ الأوثانَ ، نَشَرَ الاخلاقَ الحميدَةَ، وحارَبَ الرّذيلَةَ ، دَعَا الى مكارِمِ الاخلاقِ ، وَنَبَذَ التباغُضِ والتَّحاسُدِ والتَّدابُرِ والتَّنَافُرِ بينَ المؤمنينَ، تَحولَتِ الجزيرةُ العربيَّةُ بمولِدِهِ ، وازدانَتْ بِبِعثَتِهِ ، فصارتْ مركزَ إشعاعِ نورٍ وهدْيٍ وبركةٍ وأسرارٍ عمَّ على العالمينَ . صلواتُ ربّي وسلامُهُ عليكَ يا سيّدي يا أبا القاسِمِ ، صَلَوَاتُ ربي وَسَلامُهُ عليكَ يا سيّدي يا رسولَ اللهِ .

يَا خَـيْرَ مَنْ دُفِنَتْ بِالْقَاعِ أَعْظُمُهُ

                فَطَـابَ مِنْ طِيبِهِنَّ الْقَاعُ وَالْأَكَمُ 

نَـفْسِي الْفِدَاءُ لِقَبْرٍ أَنْتَ سَـاكِنُهُ

                فِيهِ الْـعَفَافُ وَفِيهِ الْجُودُ وَالْـكَرَمُ

أَنْتَ الشَّفِيعُ الَّذِي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ

               عِنْدَ الـصِّرَاطِ إِذَا مَا زَلَّتِ الْقَـدَمُ 

وَصَـاحِبَاكَ لاَ أَنْسَـاهـُمَا أَبَدًا

               مِنِّي السَّـلاَمُ عَلَيْكُم مَّا جَرَى الْقَلَمُ

أحباب المصطفى صلى الله عليه وسلم: نعيشُ في نَسَمَاتِ خيرٍ، نعيشُ في لطائِفَ مُحمديةٍ ، نعيشُ في ذكرى ولادَةِ أحبِّ الخلقِ الى اللهِ تَعَالى، نعيشُ في ذكرى ولادَةِ سيِّدِ الخلائِقِ العَربِ والعَجَمِ، نعيشُ في ذكرى ولادَةِ مُحمدٍ رسولِ اللهِ عليهِ صَلَوَاتُ اللهِ. فما أَحْلاها من ذكرى عظيمةٍ ، وما أعْظَمَهَا من مُناسَبَةٍ كريمةٍ ، عمَّ بِها النُّورُ أرجاءَ المعمورةِ ، ما أعظَمَهَا من حَدَثٍ حَوَّلَ تاريخَ الجزيرةِ العربيةِ ، من قبائل متناحرة مشتتة يفتك بعضها ببعض ، يتباهَوْنَ بالرذائِلِ والمحرَّماتِ ، يرفَعُونَ لواءَ الشركِ وعبادَةِ الاوثانِ ، حتى صارتْ مهدَ العلمِ النُّورِ والإيمانِ، ودولةَ الاخلاقِ والعدلِ والأمانِ ، بهديِ النبيِ محمدٍ عليهِ الصّلاةُ والسلامُ ، يقولُ اللهُ تعالى في القرءانِ الكريمِ {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }التوبة128

 هذا النبيُّ العظيمُ الذي سَعِدْنَا بمولِدِهِ ، وازدَدْنَا فَرَحَاً وأمناً وأماناً بأن كُنَّا في أُمَّتِهِ، فطوبى لمن التَزَمَ نَهْجَهُ ، وسارَ على هديِهِ ، والتَزَمَ أوامِرَهُ وَنَهْيَهُ ، هذا النبيُّ العظيمُ الذي جَعَلَهُ ربُّهُ هادياً ومُبشراً ونذيراً ، وداعِياً الى اللهِ بإذنِهِ سِراجاً وهّاجاً وَقَمَراً مُنيراً ، كانَ أُمِّياً لا يقرَأُ المكتوبَ ولا يكتُبُ شيئاً ، ومع ذلك كانَ ذا فَصَاحَةٍ بالِغَةٍ ، ومع ذلِكَ كانَ بالمؤمنينَ رؤوفاً رحيماً ، كانَ ذا نُصْحٍ تامٍ ورأفَةٍ ورَحمةٍ ، ذا شَفَقَةٍ وإحسانٍ ، يُواسي الفُقراءَ ، وَيَسْعى في قضاءِ حاجةِ الأرامِلِ والأيتامِ والمساكينِ والضُّعفاءِ ، كان أشدَّ النَّاسِ تَوَاضُعاً ، يحبُّ المساكينَ وَيَشْهَدُ جنائِزَهُم ، فما أعظَمَهُ من نبيٍ ، وما أحلاها من صِفاتٍ ، عَسَانا ان نَتَجَمَّلَ بصفاته الكريمة ، لنكونَ على هديِهِ صلى الله عليهِ وسلَّمَ . هذا النبي العظيم الذي أرسله ربه رحمة لجميع الناس, فمن آمن به سَعِد ونجا, ومن لم يؤمن خاب وخسر، يقول سبحانه وتعالى{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء107 . وفي سنن الدارمي عَنْ أَبِى صَالِحٍ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُنَادِيهِمْ :« يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ ». هذا النبي العظيم كان أحسن الناس خَلْقاً وَخُلُقاً ، روى الإمام أحمد في مسنده عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ ، مَا رَأَيْتُ شَيْئاً أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِى فِى وَجْهِهِ ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسْرَعَ فِى مَشْيِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَأَنَّمَا الأَرْضُ تُطْوَى لَهُ ، إِنَّا لَنُجْهِدُ أَنْفُسَنَا وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ . وفي سنن الترمذي أَنَّ أمِّنا عَائِشَةَ رضِيَ اللهُ عنها عِنْدَمَا سُئِلَتْ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا ، وَلاَ صَخَّابًا فِى الأَسْوَاقِ ، وَلاَ يَجْزِى بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ . هذه أخلاق النبي العظيم الذي بعثه ربه رحمة للعالمين ، ليعلم الناس الخير ، ليأمرهم بالبر ، ويبين لهم شرائع الإسلام السمحة ، هذه هي أوصافه ، وهذه شمائله وأخلاقه ، فهلا تأثرنا بسيرته وأخلاقه عليه الصلاة والسلام ، واتخذناها منهجا نسير عليه في حياتنا ، وفي مجتمعنا ، هلاَّ كانت عندنا هذه الأخلاق ، لنتعايش  بها فيما بيننا ، وتكون داعما لنا لبناء بلادنا وتماسكها وتقدمها وازدهارها ، هلا تعاونا من أجل أمنها واستقرارها ، هلا نظرنا إلى المستقبل بكل تفاءل ، مؤملين حياة كريمة هانئة ، وهلا ابتعدنا عن كل من يسعى لتحبيط الهمم ، ونشر الفوضى وإثارة الفرقة والإشاعات ، من بعض المشككين والمضللين الداعين للفتنة والتحريض بين أفراد المجتمع ، فهلا تأسينا بهذه السيرة العطرة ، وانتقلنا بها من العلم إلى العمل ، حتى نرى آثارها ونحصد ثمارها في حياتنا ويوم نلقى ربنا سبحانه وتعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم  {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }الأحزاب21 بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة ، اقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية

الحمد لله ذي النِّعم الجمَّة، والصلاة والسلام على قائد الامة، من رفع الله به عن قلوبنا الغمة، وعلى آله واصحابه اولي الهمة، أما بعد فيا أحباب المصطفى عليه الصلاة والسلام : علينا ونحن نحتفل ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، أن نتدارس سيرته ، ونتخذ منها العظة والعبرة ، ونحافظ على الآداب النبوية ، ونبتعد عن الأشياء المضرة ، التي يفعلها بعض الناس ، كإطلاق الرصاص في الهواء أو المفرقعات أو الأصوات الصاخبة المزعجة  ، التي تؤذي الناس وترهبهم ، فنحن إنَّما نحتفل ونفرح بمولده عليه الصلاة والسلام ، بما يرضى ربنا سبحانه وتعالى ، ويرضي رسوله صلى الله عليه وسلم ، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه ، وأن يجعلنا من الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ.

عباد الله : {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }الأحزاب56 اللهم اشرح بالصلاة عليه صدورنا ، ويسر بها أمورنا ، وفرج بها همومنا ، واغفر بها ذنوبنا ، وثبت بها أقدامنا، وبيض بها وجوهنا ، واقض بها ديوننا ، واصلح بها أحوالنا .اللهم تقبل بها توبتنا ، واغسل بها حوبتنا ، وانصر بها حجتنا ، واغفر بها زلتنا .اللهم أجعلها نوراً من بين أيدينا ، ومن خلفنا ، وعن أيماننا ، وعن شمائلنا ، ومن فوقنا ،ومن تحتنا وفي حياتنا ، وفي مماتنا . اللهم أدِمْ بركتها علينا في الدنيا والآخرة حتى نلقى حبيبنا ( صلى الله عليه وسلم ) ونحن آمنون مطمئنون ، فرحون ومستبشرون . اللهم لا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله ، وتأوينا الى جواره الكريم ،مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً . اللهم أصلح ذات بيننا وألف بين قلوبنا واهدنا سبل السلام ، اللهم بارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وأزواجنا وذرياتنا وأموالنا وأوقاتنا واجعلنا مباركين أينما كنا ، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ، إنك سميع قريب مجيب الدعوات ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ . عباد الله : {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النحل90 ، اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه وآلائه وفضله يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.   

 

ليست هناك تعليقات

نعتز بديننا وبتراثنا وأصالتنا

المتابعون