جديد المدونة

المشاركة في الانتخابات باختيار الأفضل


المشاركة في الانتخابات باختيار الأفضل

الحمد لله ربِّ العالمين ، جعل وحدة الصف والكلمة والاتحاد من دعائم الإسلام ، وحب الوطن والعمل على راحته واستقراره ونمائه من الإيمان ، احمده سبحانه وأشكره وهو الكريم المنان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة نرجوا بها دخول الجنان ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله ، القائل عليه الصلاة والسلام « الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ » [1].  صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد ، فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل، فإن التفاضل والكرامة في التقوى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى ، وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [2].

معاشر المسلمين : لا يخفى على كل ليبي غيور، ما يمر به وطننا في هذه الأيام ، وهو في طورِ إنشائه وبنائه ، فعلى الجميع رجالاً ونساءً ، شبابا وشيوخا ، واجبُ الإنشاء والبناء والتَّعمير ، كلٌّ بما يستطيع ، وخاصة في اختيار الأكفياء الأمناء، الصَّالحين الشَّرفاء ، من أبناء هذا الوطن ، الذِّين سيقودون هذه المرحلة من تاريخ بلادنا ، فكم نحتاج إلى هؤلاء المخلصين ، الذين تتوفر فيهم صفات القيادة ، يُرْوَى عن سيِّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، عبر أمنية تمنَّاها ، فيها التَّوجيه والإرشاد ، فقد كان جالسا في دار من دور المدينة المباركة ، مع جماعة من أصحابه فقال لهم: تمنَّوا. فقال أحدهم: أتمنَّى لو أن هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه في سبيل الله. ثم قال عمر: تمنَّوا، فقال رجل آخر: أتمنَّى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله وأتصدق به. ثم قال: تمنوا، فقالوا: ما ندرى ما نقول يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: ولكني أتمنى رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله . فإذا أردنا إعلاء كلمة الله ورضاه جل وعلا ، علينا أن نتعاون جميعا في اختيار الأكفأ والأوثق في أمانته وديانته ، وقوته وشجاعته في الحق ، لا يخاف في الله لومة لائم ، فهذا الاختيار واجب شرعي ، على كل من أعطي له هذا الحق ، من المواطنين المكلفين ، لأن إقامة الدين بين المسلمين واجبٌ شرعي ، وما لا يتم الواجب إلا به من اختيار الأكفياء الصلحاء الأمناء واجب . ثم إننا مأمورون بطاعة من نختارهم إذا ولُّو علينا ، لأنهم أهل الحكم ، وأهل الحل والعقد ، وقد أمر الله بطاعتهم ، قال تعالى  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ }[3] . وما دامت طاعتهم واجبة ، وقرارهم علينا نافذ ، ونحن الذين نختارهم ، فالواجب علينا أن نحسن اختيارهم ، وأن نشارك في اختيارهم ، لأنهم إذا صلحوا صلحت الدولة ، وإذا فسدوا فسدت الدولة ، فهم الذين يصدرون القوانين ، ويقرون الدساتير ، ويشكلّون الحكومات ، فما ينشأ من أخطاء أو انحراف في الدّولة ، أو تجاوزات بسبب سوء الاختيار ، يقع إثمه على من اختارهم ، ومكَّنهم في صناديق الاقتراع ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ .. » [4]. والناخب مطالبٌ ومسئول ، عندما يقف على صندوق الاقتراع ليدلي بصوته ، أن يُذَكِّر نفسه وهو يضع بطاقته في الصندوق ، أن ما يقوم به ويؤدِّيه ، شهادةً منه بتزكيةِ وَأَهْلِيَّةِ من ينتخبه ، فإمَّا أن تكون شهادته شهادةً بحق ، فيؤجر عليها أجر من يقيم العدل ، ويأمر بالحق ، وإما أن تكون شهادة زور ، يحمل وزرها وإثم من عمل بها ، وما أعدّه الله لأهلها ، فقد عدَّد النّبي صلى الله عليه وسلم الكبائر وكان متكئاً ، ثم جلس وقال : « أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ ، أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ » . فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْتُ - أي الراوي - لاَ يَسْكُتُ [5]. وفي رواية: حَتَّى قَالَ أصْحَابُهُ لَيْتَهُ سَكَتَ [6]. خوفا من غضب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من كثرة ما توعَّدهم عليها . فالذي  يجب على الناخب مراعاته فيمن يختاره من المرشحين ليشهد بحق ، وينجو من شهادة الزور، أن يختار أهل الكفاية والدِّين ، والاستقامة والأمانة ، وأهل العدالة بمعناها الشرعي ، وأن يبتعد في ذلك عن العصبية والقبلية وأخلاق الجاهلية حتى ينجو من مساءلة رب العباد ، فيما توعّد به أهل الشهادة الكاذبة ، روى الحاكم عَنِ ابن عباس رضي الله عنهما قال ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « مَنِ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ عِصَابَةٍ - أي جماعة - وَفِيهِمْ مِنْ هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَخَانَ رَسُولَهُ وَخَانَ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ»  فعلينا يا إخوة الإسلام ، أن نختار الأصلح صاحب الكفاءة والقادر على تحمل المسئولية بخدمة الناس والوطن ، والابتعاد عن الاختيار على حساب الصداقة أو القبيلة أو العشيرة ، أو المنطقة أو المحلة ، يجب أن نكون أمناء في حسن اختيارنا ، فإن أحسنا كان العائد حسنا ، وإن أسأنا فسنجني ثمرة اختيارنا ،  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ، وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ، أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ } [7] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له ، ولي الصَّالحين ، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله ، إمام المتقين ، وقدوة الناس أجمعين ، صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..أما بعد ، فاتقوا الله عباد الله ، ثم إننا نتأمل من إخواننا المترشحين ، أن يكونوا عند وعودهم ، التي أعلنوا وتحدثوا عنها من خلال برامجهم في حملاتهم الدعائية ، ونرى ذلك واقعا ملموسا نشاهده بعد نجاحهم إن شاء الله تعالى ، سدد الله الخطى وبارك في الجهود ، وأصلح نياتنا جميعا ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .. هذا ثم صلوا وسلموا على النبي المصطفى والرسول المجتبى ، والحبيب المرتضى ، كما أمرنا المولى بذلك جل وعلا ، فقال تعالى قولا كريما {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين ، اللهم أعز الإسلام وأنصر المسلمين ، ودمر أعداءك أعداء الدين ، وأهلِك الطُّغاة والظَّالمين ، اللهم اجعل بلدنا ليبيا سخاء رخاء أمنا وأمانا وسائر بلاد المسلمين ، اللهم أصلح العباد واحفظ البلاد 3 اللهم أعنا ووفقنا لحسن اختيار من فيه رضاك ، ومن يخدم البلاد والعباد ، اللهم أنجح لبلادنا هذه المرحلة القادمة ، واجعلها تسير على خير وعافية ، واكتب لنا ياربنا السلامة ، والأمن والعافية ، في ربوع بلادنا وكافة بلدان المسلمين ، اللهم ارفع الظلم والطغيان عن إخواننا في سوريا ومن عليهم بالأمن والأمان ، اللهم من أراد السوء والفساد في بلادنا اللهم أشغله بنفسه واجعل الدائرة تدور عليه يا قوي يا متين ، اللَّهمَّ آتِ نُفُوسَنا تَقْواها، وزكِّها أنتَ خيرُ مَنْ زكَّاها، أنتَ وليُّها وَمَوْلاها، اللَّهمَّ أصلِحْ لَنَا دينَنا الَّذي هُوَ عصمةُ أمرِنا، وأصلِحْ لَنَا دُنيانَا الَّتي فيها معاشُنا، وأصلِحْ لَنَا آخرتَنا الَّتي إلَيْها معادُنا، واجْعَلِ الحياةَ زيادةً لَنَا في كلِّ خيرٍ، واجْعَلِ الموتَ راحةً لَنَا مِنْ كلِّ شرٍّ، اللَّهمَّ اغْفِرْ لِلمسلمينَ والمسلماتِ، والمؤمنينَ والمؤمناتِ، الأحياءِ منهم والأمواتِ، إنَّكَ سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدَّعواتِ ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوفٌ رحيم .. عبادَ اللهِ: { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }[8].



[1] -  رواه أبو داود .
[2] - الحجرات آية 13 .
[3] ) سورة النساء آية 59 .
[4] ) صحيح البخاري  .
[5] ) صحيح البخاري  .
[6] ) صحيح البخاري .
[7] - المعارج  آية 32 - 35 .
[8] - سورة النحل الآية 90 .

ليست هناك تعليقات

نعتز بديننا وبتراثنا وأصالتنا

المتابعون