جديد المدونة

الإيدز مضار وأخطار

الإيدز مضار وأخطار



الحمد لله الذي هدانا إلى كل خير وصواب ، وحرم علينا الخبائث والفواحش ما ظهر منها وما بطن ، نحمده سبحانه ونشكره ، ونسأله أن يعافينا من كُلِّ بلاءٍ وسوءٍ وعذابٍ ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً ننجوا بها يوم الحساب ، وأشهد أنَّ سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله،الهادي إلى سبيل الرشاد ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ، خيرِ آلٍ وأصحاب ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم العرض والحساب ، وسلم تسليما كثيرا .. أما بعد ! فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله في السر والعلن، واحذروا المعاصي ، فإنها سبب العقوبات العاجلة والآجلة، فما حل في العالم بلاء إلا وهي سببها ، يقول سبحانه وتعالى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }طه124..
أيها الإخوة المؤمنون: لقد قضت سنة الله تعالى أن الأمم لا تفنى ولا تدمّر، إلا حين تسقط الهمم، وتستسلم الشعوب لشهواتها، فتتحول الأهداف من مُثُلٍ عليا ، إلى أهداف دنيئة، فتسود فيها الرذائل، وتنتشر الفواحش، وتفتك بها الأمراض الخبيثة، فلا تلبث أن تتلاشى وتضمحل، وتصيبها السنة الإلهية في التدمير. ولقد قص الله علينا من أنباء السابقين، ما فيه عظةٌ وزجرٌ للآخرين، ونشهد اليوم من أحوال الزائغين التائهين ، ما يؤكد العبرة عبر القرون.
حضرات المسلمين: يُثار هذا الكلام وتُقلَّب صفحاته ، والملايين من البشر يتقلبون في أمراضٍ فتَّاكة، ناتجةٌ عن الرذيلة، يتجرعون غُصصها وأوجاعها، ولا زال الأطباء والعلماء، بل والعالمُ بأسره ، يتشوّفون لعلاج ناجع يخلّصهم من ويلاتها، لكنهم لما يفلحوا في إيقافها، فضلاً عن اقتلاع جذورها، والإسلام خير لهم لو كانوا يعلمون. لقد جاء الإسلام بما يحفظ العقول والأبدان ، من الأوبئة والأمراض، وذلك بتشريعاته السامية ، التي أحاطت جانب العِرض ، بسياجٍ من العفة منيع، وهذّبت الغرائز، فأباحت الحلال الطيب، وحرمت وعاقبت على المُنْتِنِ الخبيث . يقال هذا الكلام ، عن سرطان العصر ، في اليوم العالمي لمكافحة الإيدز، وذلك لنساهم جميعا ، كلٌ حسب موقعه ومكانته وتأثيره في المجتمع ، في دفع هذا الوباء الفتاك .
أيها المسلمون: إن هذا المرض ، كما هو معروف لديكم جميعا ، ينتشر بصورةٍ أكبر ، بين الشواذ والزناة ، والمتعاطين للخمور والمخدرات ، وكلُّ من وقع في مستنقع الرذيلة ، فهو الطاعون المدمر والوباء الكاسح ، الذي يعاني المريض فيه ، من الآلام والأوجاع لمدة سنوات قبل أن يقضي نحبه، هذا علاوةً على الآلام النفسية المدمرة للمريض ، بعد نبذه من أقرب الناس إليه، بل والهروب منه، والهلع حتى من جثته بعد موته .
إن هذا المرض وأمثاله أيها الإخوة ، هو عقوبةٌ إلهية ، لمن انتكست فطرهم من الخلق ، فاستبدلوا بالعفة والطهارة ! الفواحشَ المحرمة ، من الزنا واللواط والسحاق ، وأعلنوا بتلك الفواحش إباحةً ورضًا وتفاخرا؟! أليس ذلك هو عين ما أخبر عنه نبي الإسلام ، عليه الصلاة والسلام ، منذ أربعة عشر قرنا من الزمان بقوله : « لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِى قَوْمٍ قَطُّ ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ ، الَّتِى لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِى أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا. ». وفي الحديث الآخر« وَلاَ فَشَا الزِّنَا فِى قَوْمٍ قَطُّ ، إِلاَّ كَثُرَ فِيهِمُ الْمَوْتُ » .
إخوة الإسلام: مرض الإيدز، أو نقص المناعة المكتسبة ، هو وباءٌ آتٍ من فساد الأخلاق، وإن الطريق الوحيد الذي نَتَجَ المرضُ بسببه ، هو الرذيلة، فهذا الفيروس ،لا ينتقل بالأصل ، إلا عن طريق الاتصال الجنسي ، أو ينتقل إلى الزوجة ، وإلى الأولاد ، عن طريق انتقال دمه ، أو مفرزاته إلى إنسان آخر ، فمثلاً : عند الحلاق ، هناك مشكلةٌ كبيرة ، لو أنه حلق رأس إنسانٍ مصاب بالفيروس ، وتلوث الموس من دمه ، ولم يعقمه ، واستخدم هذا الموس مع شخص آخر ، فقد ينتقل هذا المرض إلى الشخص الثاني . وكذلك عند طبيب الأسنان ، إن لم يقم بتعقيم الأدوات جيدا، نقلت المرض من إنسان إلى آخر . وغيرها من الوسائل الأخرى الناقلة لهذا المرض .. فقد أصبح انتشاره اليوم ، أسرعَ من انتشار النار في الهشيم ، وأكثر المصابين بهذا المرض ، هم من فئة الشباب ، الذين هم عماد المستقبل، وَعُدَّةٌ وذخرٌ للأوطان ، فكيف سيكونون كذلك ، وأكثرهم غارقٌ في الرذيلة والفحش .. إنَّ الله عز وجل ، أراد هذا المرض عقاباً ، والعالمَ كُلُّهُ بكلِّ تقدمه العلمي ، وبكل إمكاناته ، وبكل جامعاته ، وبكل مؤسساته ، عاجزٌ عن شفاءه.. وإنَّ أسهل طريقة للوقاية من هذا المرض ، الاستقامة على أمر الله ، فالوقاية منه ، بيد كل إنسان ، لكنَّ هذا الذي يصرّ على الفساد ، سيدفع الثمن باهظاً . فبقدر استحالة علاج هذا المرض ، نَجِدُ سُهولةَ الوقاية منه ، والأمر بيد كلِّ واحد من الشباب ، يكفي أن يستقيم على أمر الله :
إِنَّمَا الْعِفَةُ مَــــاءٌ      ***** بَارِدٍ عَــذْبٍ زَلاَلِ
يُطْفِئُ الْجَمْرَ وَ يَرْوٍي ***** كُلَّ مَنْ طَلَبِ الْحَلاَل
إن دِينَ الإسلام العظيم، الدِّين الخَاتَمٌ للبشرية جميعًا، قد شرع نهجًا واضحًا لحماية الإنسان وصحته ، من أخطار الأمراض الجنسية المدمرة، والذي يتمثل في كلمتين هما: العفة والإحصان، وتحريم كل مسكر ومفتر، وتتمثّل العفّة في طهارة القلب ، من وساوس الشهوات، وذلك بتعميق الإيمان ، وتقوى الله ومراقبته ، والبعد عن المثيرات، بغضّ البصر عن المحرمات، يقول سبحانه وتعالى { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ، ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ، إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ، وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ، وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ، وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } 30 ، 31 النور . ويتمثل الإحصان بالزواج، وذلك بتيسيره للناس، انظروا إلى نور الوحي ، في توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم :حين قال « النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِى، فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِى فَلَيْسَ مِنِّى ». وقوله عليه الصلاة والسلام « يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ ، مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ، فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ » . وقوله صلى الله عليه وسلم « إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلاَّ تَفْعَلُوا ، تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ». إن علاج مشكلة الأمراض الجنسية ، وأوبئتها الفتاكة بالبشر ، لن يُتغلب عليها إلا بالتزام تعاليم الإسلام ، الذي حرّم الزنا والبغاء العلني والسرّي، وَأَمَرَ بتطبيق حدود الله على المُتَعَدِّين، وحرّم الخمور والمخدرات، ومنع بيعها وصناعتها، وأمر بتنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية على المفسدين، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }الروم41 . جعلني الله وإياكم من الملتزمين بمنهج الله ، العاملين بأوامره المجتنبين لنواهيه ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ..

الخطبة الثانية
الحمد لله أمر بالعدل والإحسان، ونهى عن الفحشاء والمنكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يُمهل ولا يُهمل، وإذا أخذ فإن أخذه أليم شديد. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، مثال الطهر والعفاف، صل الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وصحابته أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد:
 أيها الآباء أيها المصلحون في المجتمع : نحن مطالبون ، بحماية أنفسنا ومجتمعاتنا ، من هذا الوباء وغيره ، والحمايةُ لا تكون بمجرد العلاج ، إذا وقع الداء وتفشَّى المرض، وإنما يجب الوقاية أولاً، والوقايةُ خير من العلاج وأجدى . إن علينا ، أن ندرك مسؤوليتنا تجاه الناشئة، ونجنبهم مواطن الردى، ويا ويح أمةٍ يغرق شبابها بالمخدرات، ويُفْتَنُونَ بما تعرضه الشاشات من انحرافات. إن توفر الصورة الهابطة عند الشباب ، عن طريق الشاشات والشات ، ربما يكون في النهاية طريقًا للفاحشة، وإن إغراق الشباب بسيل المسلسلات الخليعة الفاتنة ، إنما هو انتحار للقيم وخُطُوَاتٌ في طريق الفساد، إن عدم متابعة الشباب وتركهم دون حسيب ولا رقيب ، ودون تنظيم يُحَقِقُ المصالح ، ويمنع من المفاسد ، هو رمي للشباب في معركة خاسرة ، تفوق طاقتهم، ومن يرضى لفلذات الأكباد ، أن يكونوا ضحايا للفساد ، أو يكونوا نَقَلةَ فيروسات الدمار .ليس من المنطق السليم ، أن نطالب الشباب بالعفة والطُّهر، ونحن نواصل إغرائهم ، ونهيّئ لهم ما يثير غرائزهم، لا بد أن نُسهم جميعًا في حمايتهم ، ونشارك في تربيتهم على منهج الله ، وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالبطالة والمغالاة في المهور، كل ذلك ربما ساهم في دفع الأنفس الضعيفة ، إلى اقتراف المحرمات ، والوقوع في حمأة الرذيلة . وعلينا كذلك أن ننتبه للمرأة ونحفظها ، فهي وسيلة للفتنة . إذا لم تصن وتحترم ..
إخوة الإسلام : هكذا قد ظهر هذا الكابوس القاتل والجاثم على صدور المنحرفين، وغدًا ربما يظهر ما هو أشد منه ، طالما ظل الناس سائرين في غيهم، مستثمرين العلم الحديث وإمكاناته الهائلة ، في نشر هذا الفساد وتزيينه للناس ، فانتبهوا أيها الناس لهذا الخطر العظيم، الذي يجب أن نقضي عليه بنشر الوعي الديني والصحي ، وبتعميق الإيمان في نفوس الناس ، ووضع برامج إعلامية هادفة ، تحارب هذه الوسائل التي تشيع الفاحشة في المجتمعات ، اسمعوا معي إلى قول الله جل وعلا وهو يتوعد من يشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، يقول جلَّ في علاه { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا ، لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }النور19..
اللهم أيقظ قلوبنا من الغفلات، وطهر جوارحنا من المعاصي والسيئات، ونق سرائرنا من الشرور والبليات، اللهم باعد بيننا وبين ذنوبنا ، كما باعدت بين المشرق والمغرب، ونقنا من خطايانا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، واغسلنا من خطايانا بالماء والثلج والبرد، اللهم اختم بالصالحات أعمالنا، وثبتنا على الصراط المستقيم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، اللهم اجعلنا من المتقين الذاكرين ، الذين إذا أساءوا استغفروا، وإذا أحسنوا استبشروا . اللهم استر على نسائنا وبناتنا ونساء جميع المسلمين واجعلهن صالحات في أنفسهن مصلحات لبيوتهن. اللهم اهد شبابنا وشباب المسلمين ، وارزقهم العفاف والغنى ، والصلاح والتقوى ، واجعلهم صالحين مصلحين يارب العالمين ..

ليست هناك تعليقات

نعتز بديننا وبتراثنا وأصالتنا

المتابعون