سقوط المروءة والأخلاق
سقوط المروءة والأخلاق
كان
أحد الشباب ينطلق بدراجة .. فاصطدم بامرأةٍ عجوز .. وبدلاً من أن يعتذر لها ويساعدها
على النهوض .. أخذ يضحك عليها، ثم استأنف سيره ؛ لكن المرأة العجوز نادته قائلة: تعال
.. إن شيئاً قد سقط منك على الأرض .
عاد
الشَّاب مسرعاً .. وأخذ يبحث هنا وهناك .. فلم يجد شيء، فسألها عن ذلك الشيء الذي سقط
منه، فقالت له : سقطت منك مروءتك وأخلاقك!!
سَأَلَ
يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ عَنِ الْمُرُوءَةِ ، فَقَالَ الأَحْنَفُ
: الْمُرُوءَةُ الْتُّقَى وَالاِحْتِمَالُ ، ثُمَّ أَطْرَقَ الأَحْنَفُ سَاعَةً وَقَالَ
:
وَإِذَا جَمِيلُ الْوَجْهِ لَمْ يَأْتِ الْجَمِيلَ
فَمَا جَمَالُهُ
مَا خَيْرُ أَخْلاَقِ الْفَتَى
إِلاَّ تُقَاهُ وَاحْتِمَالُهُ
وقَالَ
الشَّافِعِىُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَإِنْ كَانَ الأَغْلَبُ عَلَى الرَّجُلِ الأَظْهَرُ
مِنْ أَمْرِهِ الطَّاعَةُ وَالْمُرُوءَةُ ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَإِذَا كَانَ الأَغْلَبُ
الأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الْمَعْصِيَةُ وَخِلاَفُ الْمُرُوءَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ.
وقال
الشعبي: "تعامَل الناسُ بالدِّين زمانًا طويلاً، حتى ذهب الدِّينُ، ثم تعاشروا
بالمروءة حتى ذهبت المروءة، ثم تعاشروا بالحياء، ثم تعاشروا بالرغبة والرهبة، وأظنُّه
سيأتي بعد ذلك ما هو شرٌّ منه".
إنَّ
ميزان الشرع أيها الأحباب لا يتعلق لا بالشباب ، ولا بالكهولة ، ولا بالشيخوخة ، ولا
بالإنتاج ، ولكن يتعلق بإيمان الإنسان، وبعمله العظيم الذي قدمه لأسرته ، ومجتمعه ،
ثم أخلاقه الفاضلة التي يتخلَّقُ بها فيما بينه وبين من يخالطهم من الناس ، صغاراً
كانوا أو مسنين .
في
سنن الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه
وسلم- « مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلاَّ قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ
عِنْدَ سِنِّهِ ».
وقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِى
الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ .. » رواه أبو داود .
فإذا
أكرمت شيخاً شاب في الإسلام ، هذا إكرامٌ لله عز وجل ، إكرام للواحد الديان ، يقول
عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ
كَالْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ، أَوْ كَالَّذِى يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ
اللَّيْلَ » . فمن يرضى لنفسه أن يحرم هذا الأجر ؟
ليست هناك تعليقات