جديد المدونة

خطبة عيد الفطر 1435 هجرية


من سرَّه العيد [1]

الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر عددَ مَنْ حَمِدَ اللهَ في هذا اليومِ وَشَكَرَ وكبَّر ، الله أكبر كلما سعى المسلمُ لصلاةِ العيدِ وَفَرِحَ وَاسْتَبْشَر ، الله أكبرُ عدد ما طلبَ المسلمُونَ من اللهِ قَبُولَ صِيَامِهِمْ وَقِيَامِهِمْ في هذا العيدِ الْأَنْوَرْ ، الله أكبر عدد ما تعانق المؤمنون في هذا العيد مُهَنِئِينَ بعضَهُم البعض ، طَالبينَ المغفرةَ والأجـــْـر الأوفر ، الله أكبر عدد ما تصافحت وتصافت وتراحمت قلوب المجتمع الواحد ، لله الواحد الأكبر ، الله أكبر عدد ما طلب المسلمون من الله الأمن والأمان لأوطانهم ، ويوم العرض الأكبر ، الله أكبر عدد ما تتابعت الأعياد وتعاقبت الأجيال ، حتى تَتَنَزَّلُ الرحمات والنعم من الله المشكور الأعظم  ،، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرةً وأصيلا .

الحمدُ لله ربِّ العالمين ، مِنَنُهُ لا تنتهي ، وعطاياه لا تَنْقَضِي ، ونِعَمُهُ لا تُعَدُّ ولا تحصى ، مَنَّ علينا بنعمة عيدِ الفطر السعيد ، بعد أن كتب علينا صيامَ شهر رمضان ، لعلنا نَتَّقِي ونَلْقَى منه المزيد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الواحد الأحد الفرد الصمد ، جعل الأعياد مناسبةً للفرح والسرور ، وإظهاراً للتَّقْوى والخير والنُّور ، وأشهد أن سيَّدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الوجه الأنور ، والجبين الأزهر ، والحوض والكوثر ، صلى الله عليه وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه السادة الغُرر ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المحشر . أما بعد فيا أحباب الله : في إشراقة هذا اليومِ السَّعيد ، أُهَنِّئُكُم بحلولِ عيد الفطر المبارك ، وأقولُ لكم ولكل مسلمٍ ومسلمة ، في أرض الله الواسعة ، كلُّ عامٍ وأنتم بخير ،، ثم أوصيكم ونفسي بتقوى الله ، فإنَّ النجاة والفوز والسعادة في التقوى { وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }الزمر61.

عباد الله : بالأمس كنا قد استقبلنا شهر رمضان ، واستبشرنا وفرحنا بقدومه المبارك ، فهو شهر الصوم والقرآن ، شهر التوبة والغفران ، شهر العتق من النيران ، وتأملنا في هذا الشهر أن ينصلح حال العباد والبلاد ، فالمسلم يرق قلبه في رمضان ، ويزداد فيه التراحم والتعاطف بين الأهل والجيران ، وبين أبناء المجتمع والبلد الواحد ، إلا أن بعضا من الناس ، قد حوَّلوا هذا الشهر من شهر للتراحم والتعاطف ، إلى شهرٍ للتقاتل والتناحر ، واليوم ونحن نستقبل عيد الفطر المبارك ، نجد في القلب حرقة وفي الحلق غصة ، عن ما حدث ويحدث في بلادنا حفظها الله من تقاتل وإزهاق للأرواح ، وترويعٍ للآمنين ، وسقوطٍ لضحايا أبرياء ، وإهدار للأموال والممتلكات ، فهذه الأعمال لا تجر معها إلا الخراب والدمار ، يقول سبحانه وتعالى {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ }الأعراف56 . فنسأل الله تعالى أن يحقن الدماء في بلادنا ، وأن يتولاها بحفظه وعنايته ، وأن يصرف عنها السوء والفتن ، وأن يحفظ شعبها من كل سوءٍ ومكروه ، وأن يقطع دابر المتسببين في هذا الاقتتال ، والساعين  بالفتنة والشر والتحريض بين الإخوان ، وأن يبارك في جهود المخلصين المصلحين ، الذين يسعون للإصلاح والتوفيق ، ويتمنون الخير والصلاح لبلادهم ولإخوانهم ، فعليك أيها المسلم بالإكثار من الدعاء لبلدك وأهلها ، فربما تصادف ساعة إجابة ، يكون فيها الفرج بإذن الله تعالى ، فإنه لا فاعل في الكون حقيقة إلا الله، وإنه لا آمِر في الكون على التحقيق إلا الله، ما جرى بعلمه، وما حصل بقدَره، يقضي الحق وهو أحكم الحاكمين... الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرةً وأصيلا  ..

عباد الله يا من حضرتم لصلاة العيد : هل تذكرتم من كان معنا في العام الماضي ، من الآباء والأمهات والأبناء والبنات ، والأصحاب والأحباب ، واليوم قد غابوا عنا ، أين هم؟! قد اختطفهُم الموت ، أَسْكَتَهُمْ فما نَطَقُوا، وَأَرْدَاهُمْ فما تَكَلَّمُوا، لَقَدْ وُسِّدُوا التُّراب، وفارقوا الأحباب، وابتعدوا عن الأصحاب ، فهم في ظلمة القبور مُرْتَهَنُونَ بأعمالهم ، كأنهم ما ضَحِكُوا مع من ضحك ، ولا أكلوا مع من أَكَلَ، ولا شربوا مع من شرب، ولا تكلَّمُوا مع من تَكَلَّمَ، ولا عَمِلُوا مَعَ مَنْ عَمِلَ . اخْتَلَفَ عَلَى وُجُوهِهِمُ الدُّود، وضاقت بهم اللُّحود، وفارقوا كُلَّ مرغوبٍ ومطلوب.
مَنْ سَرَّهُ الْعِيدُ فَلَا سَرَّنِي   بَلْ زَادَ فِي شَوْقِي وَأَحْزَانِي

لِأَنَّهُ ذَكَّرَنِي مَا مَضَى     مِنْ عَهْدِ أَحْبَابِي وَإِخْوَانِي 

وَكُلُّ ناعٍ فسيُنْعَى، وَكُلُّ باكٍ فسيُبْكَى،  وَكُلُّ مذخور سيَفْنَى ، وَكُلُّ مذكُور سيُنْسَى، ليس غير الله يبقى ، من علا فالله أعلى . {وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }البقرة281. فنسأل الله تعالى أن يتقبلهم بعظيم مغفرته وواسع رحمته ، وأن ينعم علينا وعليهم برضوانه ، ويجمعنا وإياهم فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ... الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.

معاشر المسلمين: إنَّ من أعظم معاني العيد: جَمْعُ القلوب، وَرَأْبُ الصَّدْعَ، وصفاء النفوس ،، والعيد فرصة ومناسبة سعيدة ، للتسامح والعفوِّ ومراجعةِ النفس، وهذه صفةٌ للنفوس الكبيرة ، فبيننا الآن أزواجٌ متخاصمون، وإخوانٌ متهاجرون، وأقارب وأرحام لا يتزاورون حتى في العيد السَّعيد ، وبيننا أبناءٌ لوالديهم عاقِّين ، مُقَاطِعينَ لهم بالأشهر وربما بالسنيين ، فندائي في هذا اليوم السعيد لكل متقاطعين ومتخاصمين تسامحا وتصالحا؛ فـ«لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ». رواه أحمد وأبو داود.

ندائي لكل أقارب وأرحام لا يتزاورون في هذا اليوم السعيد: كونوا كبارًا وتواصلوا وتسامحوا، وخيركم الذي يبدأ بالسلام؛ فـ« مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ ». كما عند أبي داود. هيا فخيركما الذي يبدأ، تسابقا وبادرا، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف يؤتيه أجرًا عظيمًا: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} الشورى: 40، {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} النور: 22، فهيا لعل الله أن يغفر لكما، أن يتقبل منكما، أن تنالا جائزةً عظيمة في هذا اليوم فيعتقكما من النار. الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.

فلنتق الله عباد الله : ولنحرص على استثمار هذه المناسبة لجمع الكلمة، وتوحيد الصف، فلا نتهاجر ولا نتدابر ، بل نتواصل ونتزاور . في مسند الإمام أحمد عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « لاَ تَقَاطَعُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَكُونُوا إِخْوَاناً كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ ». فاتقوا الله عباد الله، وتصافوا واهنَؤوا بعيدكم، واشكروا الله على ما هداكم . نسأل الله  في هذه اللحظات المباركة أن يصفِّ نفوسنا، ويطهر قلوبنا، ويجمع قلوبنا على الأُلْفَةِ والمحبة، والتناصح والتغافر، إنه على كل شيء قدير ،، الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا . أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.  

الخطبة الثانية

الله أكبر ، الله أكبر  ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر  الله أكبر  ، الله أكبر ،  الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا .. الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولي الصالحين ،  وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله ، إمام المتقين ، وقدوة الناس أجمعين ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .

حضرات المسلمين: فلنفرح من قلوبنا بنعمة العيد وأيامه ، فليفرح وليسعد كلُّ من أحبَّ للناس الخير ، كما يحبه لنفسه ، فلم يعتدي عليهم ، ولم يَظْلِمْهُمْ ، ولم يستبح دمائهم وأموالهم وأعراضهم . {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }يونس58 .  نسأل الله تعالى أن يحفظنا ويحفظ أبناءنا وبناتنا وأهلينا ، من الظلمة والمتجبرين والمتكبرين ، وأن يبعد عنا الأشرار والمفسدين ، وأن يجعلنا ممن شملتهم في هذا الشهر والعيد، رحمته ومغفرته وعتقه إيانا من النار، اللهم تقبل منا ، واغفر لنا وارحمنا ،إنك أنت الغفور والرحيم . اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين ، اللهم حرر المسجد الأقصى من أيدي الصهاينة الغاصبين ، واحقن دماء المسلمين في فلسطين ، وفرج الكرب عنا وعنهم وعن إخواننا في سوريا يا رب العالمين ، اللهم جنبنا المعاصي والفتن ، وكوارث الزمن ، عن بلدنا هذا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين ، اللهم احفظنا واحفظ بلادنا من ظلم الظالمين ، ومن عدوان المعتدين ،  اللهم مُنَّ على بلدنا ليبيا بالأمن والأمان ، والراحة والاطمئنان ، وسعة الأرزاق يا كريم يا منان ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.. عباد الله .. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذّكرون ، اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على عموم نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .. الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد .

وكل العام وأنتم بخير ...

 

 

  

 



من أحكام صلاة العيد :
1-الدعاء بقولنا عند دخول المسجد { اللهم صل وسلم على نبينا محمد اللهم افتح لي أبواب رحمتك ،، اللهم إني أعوذ بك من حولي وقوتي إلى حولك وقوتك ،  رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .
2-صلاة العيد وصفتها ركعتان يكبر في الأولى ست تكبيرات  بعد تكبيرة الإحرام . وفي الثانية خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام ، بلا فصل بالتكبير إلا بقدر تكبير المؤتم ، والتكبير قبل القراءة ، وكل تكبيرة سنة مؤكدة يسجد لتركها ولنسيانها أو زيادتها.
3-يستحب القراءة في الركعة الأولى بعد الفاتحة بسورة الأعلى أو الغاشية .. وفي الثانية الشمس وضحاها أو الليل .
4-وخطبتان كالجمعة ، تستفتحان بالتكبير ، ويتخللهما بلا حد.

ليست هناك تعليقات

نعتز بديننا وبتراثنا وأصالتنا

المتابعون