جديد المدونة

ترابط المجتمع ومحاربة الفتن والإشاعات


ترابط المجتمع ومحاربة الفتن والإشاعات

الحمد لله ربِّ العالمين ، ألف بين قلوب عباده المؤمنين ، فجعلهم إخوةً متحابين ، أحمده سبحانه وأشكره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أمرنا أن نعتصم بحبل الله أجمعين ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين ، الذي آخى بين الأنصار والمهاجرين ، فصاروا إخوةً في الدين ، صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين . أما بعد ،، فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله ، فإنَّها أمنةٌ من الفتن والبلايا، ومنعةٌ من الرزايا، وتكفيرٌ للذنوب والخطايا { يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ، وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ، وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } الأنفال: 29 .

معاشر المسلمين : كلنا ينشد الأمن والأمان ، والراحة والاستقرار والاطمئنان ، وهذا مطلبٌ نتمناه جميعاً ونتأمله ، أن يتحقق في بلادنا حفظها الله ورعاها، ولن يتحقق هذا المطلب ، إلا إذا تكاتف الليبيون جميعا ، ووقفوا صفا واحدا ، وجسداً واحداً ، ضد من يثير الفتن والاضطرابات ، ويروج للإشاعات ، التي تهدد أمننا وأمن بلادنا ، وإن الواجب يحتم علينا الآن ، أن تتضافر جهودُنا ، وتتحد قلوبُنا ، وتتكاتف سواعدُنا ، لحماية بلدنا ووطننا ، من هذه الحوادث والأخطار ، وذلك بأن نكون متعاونين على البر والتقوى ، متناهين عن الإثم والعدوان ، نابذين العداء والبغضاء ، حتى نُفَوِّتَ الفرصة على هؤلاء المتربصين بنا ، في زرع بذور التفرق ، وجذور التنازع والشقاق ، قال الله سبحانه تعالى { وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ، وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } الأنفال46 . وفي صحيح مسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاَثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاَثًا ، فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا ، وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ »

إخوة الإسلام : إن مجتمعنا ووطننا له علينا حقوق كثيرة ، فنحن نعيش فوق أرضه وتحت سماءه ، نرتوي من ماءه ، وننعم بخيراته ، فأمنه أمنُنَا وخيرُه خيرُنا ، فلنحرص على كل ذرة رمل من أرضه وترابه أن تمس بسوء ، فضلاً عن مرافقه العامة ، ومنشآته الهامة .

ولنحذر من ضعاف النفوس ، الذين يبثون الإشاعات المغرضة ، ويروجوا الأخبار الكاذبة ليوهنوا عزمنا ، ويفرقوا شملنا ، ويشقوا صفنا ، وليجعلونا نعيش في قلق دائم ، وفتن وحروب لا تنتهي ، فلنحذر من هؤلاء المرجفون ، الذين يعيشون بيننا ومن حولنا ، ولا يتمنون الخير لنا ولا لبلادنا ، لأنهم مفاتيح للشر ، وقد توعدهم رسول  الله صلى الله عليه وسلم بالويل ، لأنهم فتحوا بابا  للشر على أنفسهم وعلى غيرهم ، في سنن بن ماجة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم« إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ ».

ولنحذر من أولئك الذين يريدون أن يحققوا في هذه الظروف المضطربة ، التي تمر بها بلادنا ، مصالح شخصية ومنافع غير شرعية ، على حساب الوطن والدين ، ويعملوا على إثارة الفتن والخلافات ، وبث الفرقة فيما بيننا ، وتمزيق الصف الداخلي ، يثيرون النعرات القومية ، والخلافات المذهبية والعصبيات القبلية ،، وآخرون من المأجورين والمستهترين ، من ضعفاء النفوس ، ممن يُشْتَرَوْنَ بالمال ، فيقومون بتفجيرات هنا وهناك ، يُقتل فيها الأبرياء ، وتدمر فيها المباني والمنشئات ، ويهددون ويتوعدون ، ويبثون الرعب والخوف بين الناس ، ويتمنون أن تبقى البلاد دائما في فوضى ، وعدم أمانٍ واستقرار، ولن يفلحوا بإذن الله تعالى ، طالما تعلقت قلوبنا بالله واستعنا به سبحانه وتعالى ، وأخذنا حذرنا ،  يقول الله تبارك وتعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ ، فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعاً }النساء71  فما أحوجنا اليوم إخوة الإيمان : إلى أن نكون متوكلين على الله حذرين متنبهين لهؤلاء ، متعاونين متيقظين مع رجال أمننا ، لأي محاولة مساس بوطننا الطيب الأمين ، والوقوف سدّاً منيعا في وجه كل من يحاول  زعزعة أمننا واستقرارنا ، وفضحه وكشف مخططاته ، وردعه عن أفعاله الشريرة ،، نسأل الله الكريم بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى ، أن يجنبنا وبلادنا الفتنَ ما ظهر منها وما بطنَ ، وأن يحفظ علينا أمننا وإيماننا، وأَماننا واستقرارنا ، وأن يقيَنا الشرور كلّها ، وأن يُحمِدَنا العواقب ، وأن يرزقنا المألات الحميدة ، والنهايات الرشيدة ، وأن يهدي ضال المسلمين بمنه وكرمه ، إنه سميع قريب مجيب الدعاء ، أقول قولي هذا ، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة ، فاستغفروه ، إنه هو الغفور الرحيم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

الخطبة الثانية

الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليما كثيرا.. أما بعد ، فيا أيها الأخوة الكرام : أوصيكم ونفسي بتقوى الله في  السر والعلن والقول والعمل ، ففيها الفرج والمخرج ، قال تعالى { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً }الطلاق2 . 3 .

عباد الله : أحذركم ونفسي من الاستماع إلى مروجي الإشاعات ، واجتناب الأعمال التي تثير الفتن والأحقاد ، والتطاحن والتقاتل بين أبناء المجتمع الواحد ، أو إشاعة ما من شأنه زعزعة المجتمع وأفراده ، كما أوصيكم ونفسي ، بالالتفاف حول علمائنا ومشايخنا ، والرجوع إليهم ومشاورتهم ، في كل ما يخصنا ويخص بلادنا، حفاظاً على وحدة الصف ، وقطعاً للطريق على مروجي الفتن والإشاعات ، ومفرقي الجماعات قال جل وعلا : {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ ، وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ، لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء83 . نسأل الله جلّ وعلا أن يهدينا وإياكم إليه صراطا مستقيما، وأن يثبتنا على صراطه المستقيم وأن يعيذنا وإياكم من الزلل بمنه وكرمه إنه سميع الدعاء وهو أهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل . هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله ، على خير خلق الله ، سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله ، كما أمرنا الله بذلك في كتابه فقال تعالى قولا كريما { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بجودك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء  الدين ، اللهم أجعل بلدنا ليبيا سخاء رخاء أمنا وأمانا وسائر بلاد المسلمين ، ، اللهم إنا نريد ونطمع في أمن وأمان بلادنا فاستجب يا مولانا لنا وحقق آمالنا ، اللهم من فسدت قلوبهم وأرادوا الفساد والخراب للبلاد والعباد ، فخذهم عنا وعنها أخذ عزيز مقتدر ، واجعل كيدهم يعود عليهم يا قوي يا متين ، اللهم من حمَّلتهم مسئولية البلاد والعباد كن معينا لهم على مسئولياتهم ، وارزقنا وإياهم التقوى والإخلاص والصدق والصلاح والقوة والشجاعة يارب العالمين ، اللهم وفقنا لاتحاد صفنا وكلمتنا فيما يرضيك وينفعنا وينفع بلادنا ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات ، والمؤمنين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم .   

عباد الله : {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } اذكروا الله يذكركم واشكروه على عموم نعمه وفضله يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

ليست هناك تعليقات

نعتز بديننا وبتراثنا وأصالتنا

المتابعون