جديد المدونة

اليقين في الله


اليقين في الله

الحمد لله رب العالمين ، والشكر لله رب العالمين ، إذا توكلنا عليه كفانا ، وإذا قصدناه أعطانا ، وإذا دعوناه أجابنا ، إنه يقينا يقينا يرحمنا ويرعانا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادةً تَنْفَرِجُ بِهَا كُرُوبَنَا وَتُحَقِقُ آمالنا ، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله ، القائل عليه الصلاة والسلام « وَسَلُوا اللَّهَ الْمُعَافَاةَ فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنَ الْمُعَافَاةِ » رواه بن ماجة . ، صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه الذين كانوا بقوة يقينهم في الله ، من الناجحين المفلحين . وسلم تسليما كثيرا .. أما بعد ! فيا عباد الله : من أراد السعادة والنجاح والفلاح في الدنيا والآخرة ، فعليه بالتقوى ، ومن أراد المخرج من كل ضيق والرزق من حيث لا يحتسب ، وعظم الأجر وتكفير السيئات فعليه بتقوى الله ، يقول سبحانه وتعالى { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }الطلاق3.2 ويقول جلَّ في علاه { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً }الطلاق5 . فلنتزود جميعا بالتقوى والعمل الصالح ، واسمعوا وتدبَّروا معي قول هذا الناصح :

تَزَوَّدْ لِلَّذِي لاَبُدَ مِنْهُ -  فَإِنَّ الْمَوْتَ مِيقَاتُ الْعِبَادِ

وَتُبْ مِمَّا جَنَيْتَ وَأَنْتَ حَيٌّ - وَكُنْ مُتَنَبِهًا قَبْلَ الرُّقَادِ

سَتَنْدَمْ إِنْ رَحَلْتَ بِغَيْرِ زَادٍ-وَتَشْقَى إِذْ يُنَادِيكَ الْمُنَادِي

أَتَرْضَى أَنْ تَكُونَ رَفِيقَ قَوْمٍ- لَهُمْ زَادٌ وَأَنْتَ بِغَيْرِ زَادٍ

إخوة الإيمان : إن اليقين في الله سبحانه وتعالى ، يجعلنا نستقيم في جميع عبادتنا ، من صلاة وزكاة وحج وصيام وغيرها من العبادات ، ويقيننا في الله سبحانه وتعالى ، يدفعنا إلى النجاح في حياتنا وتحقيق آمالنا ، ويقيننا في الله وصدقنا في التوجه إليه ، يُفَرِّجُ كروبنا ويشرح صدورنا ويستجيب دعواتنا ، فعلى المسلم عاملا أو موظفا ، طالبا أو تاجرا ، أن يكون على ثقة ويقين بالله ، أنه إن أطاعه واستقام على شرعه  ، حقق له آماله ، وأذهب عنه همومه وأحزانه ، وفرج همه وكربه ، فهو وحده سبحانه وتعالى بيده أمر كل شيء ، وإليه يرجع أمر كل شيء { وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ ، فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ، وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }هود123 . ويقول تعالى قدره وتبارك اسمه  { قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ }آل عمران154 . وكيف يسأل الإنسان غيره كشف الضر أو جلب النفع ، والقرآن يعلنها صريحة مدوية في الآفاق ، أن كاشف الضر وواهب الخير هو الله حيث يقول تعالى  { وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ ، وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ  ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }الأنعام17. 18 . هذه الآيات إخوة الإيمان : تملأ قلوب المؤمنين ثقة بالله واعتمادا عليه ، وعقيدة المسلم { إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ } الوجود ملكه ، والقضاء حكمته ، وكل الكائنات طوع إرادته ، سبحانه علا فقهر ، وملك فقدر ، وبطن فخبر ، فإذا مسك ضر ، أو أصابك ما تكرهه في نفسك ، أو مالك أو عرضك ، فاعلم بأنه لا يكشف الضر إلا الله ، فكل شيء قائم به ، وكل شيء خاشع له ، إنه عِزُّ كل ذليل ، وقوةُ كُلِّ ضعيف ، وملجاءُ كل ملهوف ، من تكلم سمع نُطْقَهُ ، ومن سكت عَلِمَ سره ، ومن عاش فعليه رزقه ، ومن مات فإليه منقلبُه ، وكما أنه هو الذي يكشف الضر ، فهو الذي ينعم بالخير ، من عافية وراحة بال ، وهدوء حال ، ورزق ومال وولد ، اسمعوا إلى هذا الحديث من الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وهو يوجه أحدَ أصحابه ، إلى التعلق بالله ، وصدق التوجه إليه ، حتى يفرِّج همه ويذهب حزنه ، في سنن أبي داود ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضي الله عنه قَالَ ، دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ ، فَقَالَ « يَا أَبَا أُمَامَةَ ، مَا لِى أَرَاكَ جَالِسًا فِى الْمَسْجِدِ ، فِى غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاَةِ ». قَالَ هُمُومٌ لَزِمَتْنِى وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « أَفَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلاَمًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ ، أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ». قَالَ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ ، اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ ». قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّى وَقَضَى عَنِّى دَيْنِى ، فهذا أبو أمامة لجأ إلى الله واستعان بالله واعتصم بالله ، فاستجاب له الله . فأين أنت من ذلك أيها المسلم ؟ أين أنت من هذا اليقين ؟ وأين أنت من هذا الدعاء ؟ ثم اسمع معي إلى هذه الدرة المحمدية المتلألئة  ، التي يجب أن تكون في قلوبنا ، وتلهج بها ألسنتنا عند كل كرب وهم ، جاء في مسند الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ إِذَا أَصَابَهُ هَمٌّ وَحَزَنٌ ، اللَّهُمَّ إِنِّى عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِى بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِىَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِىَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِى كِتَابِكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِى عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِى ، وَنُورَ صَدْرِى ، وَجَلاَءَ حُزْنِى وَذَهَابَ هَمِّى. إِلاَّ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحاً ». اسمع ماذا قال أصحابه صلى الله عليه وسلم ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ يَنْبَغِى لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ. قَالَ « أَجَلْ يَنْبَغِى لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ ». فما أحوجنا اليوم ، ونحن في هذه الظروف العصيبة، التي نمر بها وتمر بها بلادنا ، أن ندعوا بهذه الأدعية، التي تفرِّجُ الهم وتنفس الكرب ، فالله سبحانه وتعالى لا يرد أحداً وقف على بابه ، من الذي سأل الله ولم يعطه ؟ ومن الذي استغاث بالله ولم يغثه ؟ ومن الذي استعان بالله ولم يعنه ؟ ومن الذي نادى على الله فلم يجبه ؟ فالجأ إلى ربك وخالقك وقل :

قَصَدتُّ بَابَ الرَّجَا وَالنَّاسُ قَدْ رَقَدُوا

                  وَبِتُّ أَشْكُوا إِلَى مَوْلاَيَ مَا أَجِدُ

وَقُلْتُ يَا أَمَلِي فِي كُلِّ نَائِبَةٍ

                  يَا مَنْ عَلَيْهِ لِكَشْفِ الضُّرِ أَعْتَمِدُ

أَشْكُوا إِلَيْكَ أُمُورًا أَنْتَ تَعْلَمُهَا

                 مَالِي عَلَى حِمْلِهَا صَبْرٌ وَلاَ جَلَدُ

يَارَبِ مَدَدْتُّ يَدِي بِالذُّلِ مُفْتَقِراً

                   إِلَيْكَ يَا خَيْرَ مَنْ مُدَّتْ إِلَيْهِ يَدُ

فَلاَ تَرُدَّهَا يَارَبِّ خَائِبَةً

                  فَبَحْرُ جُودِكَ يَرْوِى كُلَّ مَا يَرِدُ 

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يذهب عنا وعن بلادنا الهموم والأحزان ، والسوء والشرور والفتن والظلم والطغيان ، كما نسأله أن يصلح أحوالنا ، وأن يبلغنا مقاصدنا وطموحاتنا وآمالنا ، إنه سميع قريب مجيب الدعاء ،  أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ،،

الخطبة الثانية

الحمد لله نحمده على نعمه ، ونستعينه على طاعته ، ونستنصره على أعدائه ، ونؤمن به حقا ، ونتوكل عليه صدقا  ، مفوضين إليه  أمورنا ، وملجئين إليه ظهورنا ،  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد ! فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله { وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }البقرة281 .

معاشر المسلمين : من أراد تفريج همه وكربه وحزنه ، فليحفظ هذه الأدعية ، ويرددها ويدعوا بها بيقين صادقٍ ، موقنٍ بالإجابة ، فسيأتيه الفرج وسينال مراده بإذن الله تعالى .. ولا تنس أيها المسلم المبارك ، أن تدعوا لبلدك فهي بحاجة إلى دعائك وأعمالك الصالحة ، وأن تدعوا لأهلك وإخوانك وأحبابك وأصدقائك بظهر الغيب ، أشرك الجميع في دعائك ، ولا تبخل عليهم بالدعاء الصالح ، فإنه مستجابٌ بإذن الله تعالى ، في صحيح مسلم عن أبى الدَّرْدَاءِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ دَعَا لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ ».  فلا تغفلوا عن الدعاء لإخوانكم بالخير ، ولبلادكم بالأمن والأمان ، والتقدم والنماء والازدهار ، وفي مسك الختام ، معاشر الإخوة الكرام ، لنعطر ألسنتنا بالصلاة والسلام ، على خير الأنام ، سيدنا ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام ، كما أمرنا الملك القدوس السلام ، في خير كلام ، فقال جل وعلا  { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }الأحزاب56 . اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين . اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين ، ودمر أعداءك أعداء الدين ، واجعل بلدنا ليبيا سخاءً رخاءً وسلئر بلاد المسلمين ، اللهم احفظ بلادنا شرقها وغربها ، شمالها وجنوبها ، من الشر والأشرار ، والظالمين والفجار ، اللهم يا كريم منَّ على من حملتهم مسئولية بلادنا ومنَّ على المخلصين منهم بعونك وتقواك وخشيتك ، ومدَّهم بالقوة والشجاعة والنية الطيبة والعزيمة الصادقة القوية ، لتحقيق مصالح البلاد والعباد ، ونشر الأمن والأمان ، وقرب إليهم يا مولانا بطانة الخير التي تراقبك وتخشاك في السر والعلن يا أرحم الراحمين ، اللهم بارك في ثورة بلادنا المجيدة  ، واجعلها ثورة خير وبركة ورحمة لجميع الليبيين ، اللهم أصلحنا وأصلح شبابنا ونسائنا وشيوخنا وأطفالنا ، ووفقنا إلى ما يرضيك من الأقوال والأفعال يارب العالمين ، اللهم اجعلنا متراحمين فيما بيننا ، وأزل الشقاق والنفاق والحسد والبغضاء من قلوبنا ، اللهم اجعلنا متحدين ، ولا تجعلنا متفرقين ، ومتعاونين متضامنين في كل ما يصلح أحوالنا وأحوال مجتمعنا ، اللهم اغفر للموتى واشف المرضى وداوى الجرحى وتقبل الشهداء يارب العالمين . اللهم اغفر وارحم وبارك فيمن أسس هذا المسجد ، ولمن أوقف عليه شيئا ، ولمن يقوم على خدمته ، ولمن صلى فيه يارب العالمين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم .. عباد الله {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النحل90 ، اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر ، والله يعلم ما تصنعون ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين ،، ويغفر الله لي ولكم وأقم الصلاة ,,

ليست هناك تعليقات

نعتز بديننا وبتراثنا وأصالتنا

المتابعون