جديد المدونة

هل نحن مسلمون

هل نحن مسلمون

الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام ، فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله، وحذرنا من مخالفة أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقال سبحانه { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ، أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النور 63 . نحمده سبحانه وتعالى ونشكره ، أن جعلنا من خير أمة أخرجت للناس ، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله ، القائل عليه الصلاة والسلام « إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَىَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا ».رواه الترمذي . صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ... أما بعد فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله ، فاتقوا الله رحمكم الله وتخلقوا بأخلاق الإسلام ، واتصفوا بصفات نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام ، الذي مدحه ربه وأثنى عليه بقوله سبحانه { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }القلم4 .

معاشر المسلمين : إن الأخلاق في الإسلام ، من أصول الحياة الطيبة ، وقال أهل العلم الدين كلُّه خلق ، فمن زاد عليك بالخلق ، زاد عليك في الدين، وديننا الحنيف ، هو الذي يرسم قواعد الأخلاق ويحدد معالمها ، ويرصد مقاييسها ، ويرسم ويمجد مكارمها ، والدين والأخلاق صنوان لا ينفصلان ، وقد صحت الأخبار ، عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنّه قال « إِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ إِسْلاَماً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً » رواه الإمام أحمد. وإن صاحب الأخلاق الحسنة هو الأثقل في الميزان يوم القيامة ، يقول عليه الصلاة والسلام « لَيْسَ شَىْءٌ أَثْقَلَ فِى الْمِيزَانِ ، مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ » رواه الإمام أحمد . كما أن صاحب الخلق الحسن ، له الشرف أن يكون الأَحُبُّ والأقْرَبُ مَجْلِسًا من رسول الله يوم القيامة ، جاء ذلك في قوله عليه الصلاة والسلام « إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَىَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا ».. ولكن إخوة الإيمان : هل هذه الأخلاق الحسنة موجودة فينا ، ولها أثرٌ في ضبط سلوكنا ، ولها مكانة فيما بيننا وفي مجتمعنا ، إن كنا مسلمين حقا فستكون فينا هذه الأخلاق الحسنة ، وإلا فهل نحن فعلا مسلمون ؟ على كل واحد منكم وأنا من بينكم ، أن يسأل نفسه هذا السؤال ، هل أنا مسلم ؟ وهل مجتمعنا هذا الذي نعيش فيه مُجْتَمَعٌ مُسْلِمٌ فعلا ؟ منضبطٌ وملتزمٌ بتعاليم ديننا الإسلامي ، ومتخلقٌ بأخلاقه ، لا تتسرعوا في الإجابة فكِّروا قبل أن تجيبوا؟ فإن قلتم نحن مسلمون فعلا ، فقد جانبتم الصواب ،، لأننا لو أخذنا بعضا من هذه الصفات ، التي يحثُّ عليها ديننا ، وعرضناها فيما بيننا ، يتبين لنا مدى التزامنا بها من عدمه ،، فلقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام ، يوصف بأنه الصادق الأمين ، فإذا كنا من أتباعه فعلا، فسنكون صادقين أُمَنَاء ، فهل نحن صادقون في أقوالنا وأفعالنا ، وأُمناء في تعاملاتنا ، ومع من حولنا ، هل مجتمعنا مجتمع صادق ، هل نمارس الصدق في معاملاتنا ، وفي أسواقنا وفي مدارسنا وفي متاجرنا ، وفي أعمالنا ، وفي شوارعنا ، وفي مؤسساتنا ، وهل نحن أمناء في تعاملاتنا ، وفي بيعنا وفي شرائنا ، وفي عهودنا ومواثيقنا ؟ حتما سيصدمنا الواقع ، وسنجد انفصالا كبيرا بين أقوالنا وأفعالنا . فهذا نبينا عليه الصلاة والسلام ، وقد سئل عن من هو المسلم والمؤمن ، فقال صلى الله عليه وسلم- « الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ».رواه الترمذي. فكيف ندَّعى الإسلام والإيمان ، ولم ينضبط لساننا وسلوكنا ، ويأمن مجتمعنا ، وهذه الصفات المذمومة موجودة فينا ..

إخوة الإيمان : إن دين الإسلام دين العلاقة الطيبة ، فيما بين الناس ، انظروا إلى علاقاتنا اليوم في مجتمعاتنا ، علاقة ينقصها الكثير من الصدق والأمانة ، وإسلامنا يدعو إلى حب الخير للناس جميعا، يدعو إلى العدل أين العدل ؟ يدعو إلى السماحة أين السماحة، يدعو إلى الصدق والأمانة ، فأين الصدق والأمانة ، يدعو إلى العلم، فأين العلم ؟ فإن تركنا هذه الحقوق التي أوجبها الله علينا أنسانا أنفسنا{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }الحشر19. أنساهم أنفسهم ، فلم يعودوا يعرفون تحديد أنفسهم ، إذا أردت أن تُعَرِّفَ نفسك أنت ، فهل تستطيع أن تقدم نفسك ؟ ستقدم ما تريد أن تتصوره عن نفسك ، لكنك لا تعرف نفسك وبالتالي أنت نسيت نفسك: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ }الحشر19. هل تستطيع أن تحدد وتعرف نفسك ؟ حدد لي نفسك وقدّم لي نفسك من أنت ؟ ستقول عن نفسك بأنك مسلمٌ مؤمن ، لكنني إن سألتك سؤالاً صريحاً، وأردت أن تكون صادقاً معي ، فهل أنت مسلمٌ مؤمن فعلاً ؟ ستقول بينك وبين نفسك لا لست مسلماً مؤمناً بالمعنى الصحيح، إذاً أنت نسيت نفسك وذكرت تعريفاً لإنسانٍ تتوهمه على أنه أنت ، لكنه ليس أنت .. فلا تكن أيها المسلم صاحب شعارات فقط ، تردد أقوالا بلا أفعال ، فالله سبحانه وتعالى يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ، كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ }الصف3.2 .. فابدأ أيها المسلم وغير من نفسك ، لا تنتظر الآخرين ، فلن تستطيع أن تغير أحدا مالم تتغير أنت ، ثمَّ ينتقل التغيير بعد ذلك لأسرتك وأهلك وأبنائك ، ومنهم سينتقل لجيرانك وأقاربك ومجتمعك ، فعلى كل واحد منا أن يستشعر أنه مسئول ، وأن يتخلق بهذه الأخلاق الإسلامية الجميلة ، ويمارسها ويطبقها في مجتمعه ، ونتعاون ونتواصى على تطبيقها وتفعيلها فيما بيننا ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} . جعلنا الله جميعا ممن يتواصى بالحق ويتواصى بالصبر.. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ...

الخطبة الثانية

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد في الآخرة والأولى ، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله المصطفى، وخليله المرتضى ، صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى ، وسلم تسليما كثيرا .. أما بعد فاتقوا الله عباد الله ، وأطيعوا الله ورسوله ، وتعاونوا دائما على الخير والمعروف فيما بينكم يقول سبحانه وتعالى { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ، يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ، وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ، وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ ، أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة71 . فكيف ستشملنا رحمة الله عز وجل ، ونحن ننبه دائما لعدم استعمال السلاح داخل المدن ، وهؤلاء لا ينتهون عن هذه الأعمال ، يُرْعِبُون الناس ويفْزِعُونهم بهذه الأصوات في الليل والنهار، وفي أي وقتٍ أو ساعةٍ يشاءون ، همهم المُتعة والانبساط والفرح والسرور، لا يرعون صغيرا ولا كبيرا ولا مريضا ، ولا حرمة هذا الفعل في ديننا ، وكأنهم ليس لهم أهلٌ يردعونهم ويمنعونهم ، فيا أولياء أمور هؤلاء ، حَذِّرُوا أبناءكم ووجهوهم وانصحوهم بترك هذه الأفعال ، والتوقف عن استعمال هذه الأسلحة داخل المدن ، حتى لا تصيبَهم دعواتُ من يَفْزَعُونَهُمْ ويروعونهم في الليل ، وقد تنال هذه الدعوات ، أهلهم وذويهم إن لم ينكروا عليهم هذه الأفعال، فيخسروا بذلك دنياهم وأخراهم ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْبَاقِى ، يَهْبِطُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، ثُمَّ تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يَبْسُطُ يَدَهُ فَيَقُولُ ، هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى سُؤْلَهُ ، فَلاَ يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ». فاحذروا يامن تستعملون هذه الأسلحة ، احذروا هذه الدعوات الليلية واجتنبوها ، فإنها أوقات تهجدٍ وعبادة ٍودعاء ، وأبواب السماء مفتوحة ، والله سبحانه وتعالى يستجيب فيها الدعاء ، فاحذروا أن تصيبكم هذه الدعوات .. نسأل الله تعالى أن يجعل أبناءنا بررة صالحين مصلحين ، وأن يحفظنا ويحفظ أبنائنا وأهلنا وجميع المسلمين من كل سوء ومكروه ، وأن يجعلنا ممن يحبون الخير لجميع المسلمين ..

هَذَا ثم َصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا رَحِمَكُمُ اللهُ ، عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ ، فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }الأحزاب56 . اللهم صل وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين .. اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداءك أعداء الدين ، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً ، سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن ، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين ، اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين وعدوان المعتدين ، اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا واجتماعنا ، اللهم من أرادنا وأراد بلادنا بسوء أو مكروه ، أو فتنة أو فساد أو عدوان أو ظلم ، فاجعل تدبيره تدميره ، ورد كيده ومكره وفتنته وعدوانه وظلمه في نحره يا رب العالمين ، ومن أراد لبلادنا الخير والأمن والأمان ، والرفعة والتقدم والازدهار ، فأعنه واحفظه بحفظك ، واكلأه بعنايتك ورعايتك ، فأنت خير الحافظين ، اللهم أعن أصحاب المسئوليات من الوطنيين الخيرين ، المحبين لبلادهم ، اللهم أعنهم على مسئولياتهم ومهامهم ، وبارك في أوقاتهم وأعمارهم ، واجعلهم حريصين على مصلحة ليبيا وشعبها ، وتقدمها وازدهارها ، والسيرِ بها نحو الأفضل والأحسن دائما يارب العالمين . اللهم زودنا بالإيمان والهدى ، والصلاح والتقوى ، اللهم ارزقنا الوداد والمحبة فيما بيننا ، ، اللهم أصلح أحوالنا ، وبلغنا مما يرضيك آمالنا ، واختم ياربنا بالباقيات الصالحات أعمالنا ، وبالسعادة آجالنا ، وتوفنا وأنت راض عنا يا كريم ، اللهم توفنا مسلمين ، وألحقنا بالصالحين ، واغفر اللهم لنا ولولدينا ولمشايخنا ، ولأبنائنا وبناتنا وأصدقائنا وجيراننا وأحبابنا، ولجميع المسلمين يا رب العالمين ، واغفر اللهم لمن أسس وأوقف على هذا المسجد ، ولمن يقوم على خدمته يا أرحم الراحمين ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ، وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا ، رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ، عباد الله : {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } .. اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ،، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ،، ويغفر الله لي ولكم وأقم الصلاة ..



ليست هناك تعليقات

نعتز بديننا وبتراثنا وأصالتنا

المتابعون