جديد المدونة

بالعلم والتعليم

بالعلم والتعليم

الحمد لله القائل { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }المجادلة11 نحمده سبحانه ونشكره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الآمر لنبيه صلى الله عليه وسلم بقوله {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }العلق1 . وأشهد أن سيدنا ونبينا ومعلمنا محمدا عبده ورسوله ، القائل عليه الصلاة والسلام « تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ ، وَتَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ ، وَتَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ » رواه الدار قطني. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الذي علَّموا أنفسهم وعلَّموا غيرهم ، ما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم ، والتابعين ومن تبعهم وسار على هديهم ، إلى يوم الدين ، وسلم تسليما كثيرا .. أما بعد فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله ، فهي مفتاح العلم ، ونور الفهم يقول تعالى { وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }البقرة282 .

إخوة الإسلام والإيمان : لازلنا نعيش في هذه الأيام المباركة ، مع شهر المولد النبوي الكريم ، مولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فما أحوجنا في هذه الذكرى ، أن نتلمس شيئا من هديه وسنته ، في الحث على العلم والتعليم ، وهو يوصينا عليه الصلاة والسلام بذلك ، كما جاء في سنن الترمذي قَالَ ، قَدِمَ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى أَبِى الدَّرْدَاءِ وَهُوَ بِدِمَشْقَ ، فَقَالَ مَا أَقْدَمَكَ يَا أَخِى ، فَقَالَ حَدِيثٌ بَلَغَنِى أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ أَمَا جِئْتَ لِحَاجَةٍ قَالَ لاَ. قَالَ أَمَا قَدِمْتَ لِتِجَارَةٍ قَالَ لاَ. قَالَ مَا جِئْتَ إِلاَّ فِى طَلَبِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ نعم ، قال فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِى فِيهِ عِلْمًا، سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِى السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِى الأَرْضِ ، حَتَّى الْحِيتَانُ فِى الْمَاءِ ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ ، وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا ، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ». فما أحوجنا يا معشر الآباء والأمهات في البيوت ، أن نرغب أبناءنا في طلب العلم ، وحثهم على الذهاب للمدارس ، بنفسيات ومعنويات مرتفعة تحب العلم ، والخير والتسامح والتصافي وتَقَبُّلِ بعضهم البعض ، وأنهم أبناء وطن واحد ، ويتلقون العلم بمدرسة واحدة ، ونحثُّهم كذلك على عدم التغيب عن مدارسهم ، ونبذ الشر والخلاف والشقاق من قلوبهم ، والبعد عن المظاهر المثيرة للتشاحن والتخاصم والتجادل والفرقة ، حتى يُقبلوا على العلم بنفس راضية صافية نقية تقيَّة ،، وعليك كذلك ياولي الأمر،أن تُبْعِدَ مشاحناتك السيئة وعديمة الفائدة ،عن ابنك وابنتك ولا تغرس فيهم هذه الثقافة السيئة ، التي ستحصد أنت نتائجها الوخيمة قبل غيرك وستفقدك احترامهم لك ، لأن هذه الثقافة تنتج عقولا سلبية فارغة ، وألسنةً لا تجيد إلا التِّكرار السيئ فقط ، عقولا ليس بها أدب ولا ثقافة ولا علم ، وهذا الأفعال ليست من التربية السليمة ، التي ينبغي للمسلم أن يتربى عليها، ويربىَّ عليها أبنائه وبناته ، فأنتم أيها الآباء وأنتُنَ أيتها الأمهات قدوةٌ لأبنائكم وبناتكم ، فلا تسيئون تربيتهم بهذه الثقافات ، فهذه التربية ليست من سنن وهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فهاهو عُمَرَ بْنَ أَبِى سَلَمَةَ يحدثنا كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه الأدب ، فَيَقُولُ عمر ، كُنْتُ غُلاَمًا فِى حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ يَدِى تَطِيشُ فِى الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَا غُلاَمُ سَمِّ اللَّهَ ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ » يقول عمر ، فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِى بَعْدُ . أي أنه سار على هذا الهدي مدة حياته . فهذه التربية وهذا الأدب يتعلمه الأبناء منذ الصغر ، ليكون سلوكا عندهم في حياتهم ، فلا تغرسوا في نفوسهم إلا كل طيِّب ، وعلينا نحن الآباء ، أن نعلم أبنائنا ثقافة ثلاثة كلمات ، وهي ، لو سمحت ، وآسف ، وشكرا ، فما أروعنا عندما نخطئ ولو كان الخطأ بسيطا جدا فنقول آسف ، وما أجملنا عندما نطلب شيئا أن نقول لو سمحت ، وما أهذبنا عندما تقدم لنا خدمة أو أي شيء أن نقول شكرا ، فكثيرون يأخذون أغراض وممتلكات غيرهم ، دون أن يأخذوا إذنهم على ذلك بكلمة لو سمحت ، وكثيرون أيضا يخطئون ويسيئون للناس باختلاف أخطائهم ، وقد لا يبخلوا عن سبهم وشتمهم ، أو سوء الظنِّ بهم ، ولكنهم يبخلون بكلمة آسف ، وأكثر من هؤلاء يُخدمون وتَتِمُ مساعدتهم ومساندتهم ، وقد تنقذ حياتهم ، ولا يُحْظَى منهم بكلمة شكرا ، في سنن الترمذي عَنْ أَبِى سَعِيدٍ رضي الله عنه قال ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ ». وفي مسند الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ سَأَلَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ ، وَمَنِ اسْتَعَاذَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ ، وَمَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَعْلَمُوا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ ، وَمَنِ اسْتَجَارَكُمْ فَأَجِيرُوهُ ». فهذه ثقافات يجب أن نتربى عليها ، وأن نربي عليها أبنائنا منذ الصغر، حتى يشبوا وينشأوا عليها، وتكون فيما بينهم خُلُقًا يتخلَّقون بها ، بحرصهم على طلب العلم النافع المفيد ، فما الفضل إلا لأهل العلم . كما قال الإمام علي بن طالب رضي الله عنه:

ما الفضلُ إلا لأهل العلمِ إنهمُ  === على الهُدى لمن اسْتَهْدَى أدِّلاء

وقيمة المرء ما قد كان يُحسنهُ === والجاهلُون لأهل العلم أعداء

فقم بعلمٍ ولا تطلب به بدلا  ===   فالناس موتى وأهل العلم أحياء

اللهم يا معلم إبراهيم علمنا ، ويا مفهم سليمان فهمنا ، وارزقنا العلم النافع المفيد يا رب العالمين ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ..

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، تعظيما لشأنه سبحانه ، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله ، الداعي إلى رضوانه ، صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه وإخوانه . وسلم تسليما كثيرا .. أما بعد !!

معاشر المسلمين : بمناسبة زيارة المسئولين عن بلادنا لمدينة سبها ، نسأل الله أن يكلل زيارتهم بالخير والنجاح العام للبلاد والعباد ، ونسأل الله لهم التوفيق والعون والسداد والمدد الربَّاني ، لما يسعد العباد ويخدم والبلاد ، ولكن يا عباد الله ، ينبغي علينا لكي نؤصل السعادة لنا ولبلادنا ، أن نُوَثِّقَ ثقتنا بالله عز وجل ، ونتوكل عليه حق التوكل ، ثم نعمل جاهدين ساعين في صفاء قلوبنا ، من أحقادها وأضغانها ، ولا نكون عُبَّادًا لأنفسنا وأهوائنا، بل نكون عُبَّادًا لله وحده ، ونسعى جاهدين مجتهدين لتحسين مستوانا المعيشي والحياتي ، عن طريق الاجتهاد المثمر ، لتحصيل العلم النافع والصبر عليه ، والذي به إن شاء الله ، نتقدم في جميع المجلات العلمية والصحية والاقتصادية ، وغيرها من المجالات ، فلا بد لنا يا إخوة الإسلام من أجل بناء أنفسنا البناء الصحيح ، الخالي من الغش والنفاق والأنانية ، لابد من تقديم المصلحة العامة على المصلحة الفردية ، إذ البناء لا يقوم ولا يتم إلا على القواعد الأصلية السليمة ، فلا فائدة من الفوضى ، بل الفائدة في التصافي والتصالح والتسامح ، ووضع اليد في اليد ، من أجل البلاد والأجيال الصاعدة النامية ، يقول تعالى { وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ }التوبة105 – ويقول عليه الصلاة والسلام « الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا » . ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ عليه الصلاة والسلام . اللهم اجعلنا من {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ،أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر18 .

عباد الله : {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }الأحزاب56 وقال النبي صلى الله عليه وسلم {إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة } اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد معلم الناس الخير وعلى آله وصحبه وسلم ، اللهم افتح لنا بنور الفهم ، ونورنا بنور العلم ، اللهم إنا نسألك إيمانا دائما ، وقلبا خاشعا ، وعلما نافعا ، ولسانا ذاكرا شاكرا ، ونسألك دوام العافية ، ونسألك الشكر على العافية ، ونسألك الغنى عن الناس ، ونسألك حبك وجب نبيك عليه الصلاة والسلام ، ونسألك الجنة وماقرب إليها من قول وعمل ، اللهم إنا نسألك نفوسا طاهرة صافية ، وأعمالا خالصة نافعة ، اللهم اشملنا واشمل بلادنا وبلدان المسلمين بالرحمة والخير والسعادة ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، واحقن دماء المجاهدين ، واحفظنا وإياهم من كل فتنة وبلية ، اللهم وفق المسئولين عن بلادنا لما تحبه وترضاه ، وبارك في ثورة بلادنا المجيدة ، ثورة 17 فبراير ، اللهم إنا نسألك الأمن والأمان الدائم لبلادنا وجميع بلدان المسلمين ، وحفظنا وبلادنا من المخربين والمفسدين والمنافقين ومن شر الظالمين ، اللهم اجعلنا متراحمين فيما بيننا، وأزل الشقاق والنفاق والحسد والبغضاء من قلوبنا ، اللهم اجعلنا متحدين ، ولا تجعلنا متفرقين ، ومتعاونين متضامنين في كل مايصلح أحوالنا وأحوال مجتمعنا ، اللهم اغفر للموتى واشف المرضى وداوى الجرحى وتقبل الشهداء ، واهد السفيه والضال ، اللهم بارك فيمن أسس هذا المسجد ولمن أوقف عليه شيئا ، ولمن يقوم على خدمته ، اللهم اجعل ماقدموه في ميزان حسناتهم وفي صحائف أعمالهم يارب العالمين ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ليست هناك تعليقات

نعتز بديننا وبتراثنا وأصالتنا

المتابعون