جديد المدونة

خطبة الاستسقاء

خطبة الاستسقاء



الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ، إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ، ما يفتحِ الله للناس من رحمةٍ فلا ممسك لها، وما يمسك فلا مرسل له من بعده ،وهو العزيز الحكيم. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له .. يُعْصَى فَيَغْفِرْ وَيُطَاعَ فَيَشْكُر ، هو الغنيُّ عن عباده ولا يرضى لعباده الكفر، وإن يشكروا يرضه لهم ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخيرته من خلقه ، خير من أُعْطِيَّ فَشَكَر وأتْقى من صلى وصام واسْتغفر ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .أما بعد فاتقوا الله عباد الله فإن تقواه خير مكتسب وأطيعوه فإن طاعته أفضل نسب {وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }البقرة281 .
أيها الناس : يقول الله سبحانه وتعالى { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ، وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }الشورى30. إن فُشوَّ المنكرات وإعلانها ، مؤذن بسيل عذاب قد انعقدت غمامه ، ومؤذن بليل ِ بلاءٍ قد ادْلَهَمَ ظلامه ، ولأجل ذلك ، فإن الله تعالى يُذَكِّرُ عباده إذا غَفَلُوا ، وَيُنْذِرَهُم إذا عصوا ، ويخبرهم سبحانه أنَّ ما يحل بالبشر، إنما هو من عند أنفسهم ، يقول سبحانه تعالى { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا ، قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران165 . فما ابتعد الناس عن التقوى والإيمان ، إلا بُلوا بالمصائب والنكبات، ومنعوا القطر من السماء : يقول سبحانه وتعالى { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ ، لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }الأعراف96 ، ويقول جلَّ في علاه { وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً }الجن16. فما دواء العصيان إلا التوبة ، وما دواء القحط إلا الاستغفار :يقول سبحانه { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً ، ويُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكِمْ جِنّاتٍ وَيَجْعَلْ لًكُمْ أَنْهَاراً } ، قال مجاهد ، إن البهائم ، لَتَلْعَنُ عُصَاةَ بَنِي آدم ، إذَا اشْتَدَّتْ السَّنَةُ وَأَمْسَكَ المطر ، وتقول هذا بِشُؤْمِ مَعْصِيَةِ بْنِ آدم . وفي سنن بن ماجة ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ ، لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِى قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ ، الَّتِى لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِى أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا. وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ،إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَؤُنَةِ ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ. وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ ، إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ ،إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ ،فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِى أَيْدِيهِمْ. وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ ، إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ ». نستغفر الله ، نستغفر الله ، نستغفر الله ، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرس السماء علينا مدرارا . {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }الأنفال53 . ولذا فنحن مطالبون جميعا بالتوبة النصوح ، فتوبوا إلى الله جميعا لعلكم ترحمون ، وأكثروا من الاستغفار ، فبه تستجلب رحمة الله سبحانه وتعالى .. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ ». ادعوا الله واسألوه التوبة والمغفرة والإنابة. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ..

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين ، والحمد لله مستغيث المغيثين ومجيب المضطرين ومسبغ النعمة على الناس أجمعين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إله الأولين والآخرين ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله أفضل النبيين ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين لم بإحسان إلى يوم الدين ، عباد الله ها نحن في هذا اليوم المبارك نستغيث ونستسقي ربنا جل وعلا ، فأظهروا الحاجة والافتقار ، واعقدوا العزم والإصرار ، على اجتناب المآثم والأوزار . عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال أن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج للاِسْتِسْقَاءِ مُتَخَشِّعًا مُتَذَلِّلاً ، متواضعا متضرعا . والله مر بالدعاء ووعد بالإجابة وهو غني كريم سبحانه {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }غافر60 . فاستغفروا وادعوا وأبشروا وأملوا وارفعوا أكف الضراعة إلى الله سبحانه وتعالى مبتهلين ..
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت ، أنت الغني ونحن الفقراء ، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا ، غيثا هنيئا مريئا ، عاما دائما ، نافعا غير ضار ، عاجلا غير آجل ، اللهم تحيي به البلاد ، وتسقي به العباد ، وتجعله بلاغا للحاضر والباد ، اللهم سقيا رحمة ، اللهم سقيا رحمة ، لاسقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق ، اللهم أنبت لنا الزرع ، وأدر لنا الضرع ، وأنزل علينا من بركاتك ، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرس السماء علينا مدرارا ، اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك ، اللهم أنزل علينا الغيث ، واجعل ما أنزلته قوةً على طاعتك ، وبلاغا إلى حين ، اللهم أسقنا الغيث وآمنا من الخوف ، ولا تجعلنا آيسين ، ولا تهلكنا بالسنين ، واغفر لنا أجمعين ، واكشف ما بالمسلمين من بلايا يارب العالمين يا أرحم الراحمين ..

ليست هناك تعليقات

نعتز بديننا وبتراثنا وأصالتنا

المتابعون