جديد المدونة

لا !! لاستعمال السلاح داخل المدن

لا !! لاستعمال السلاح داخل المدن

الحمد لله الذي أمر بعدم إيذاء المؤمنين ، أوترويع الآمنين ، نحمده سبحانه ونشكره ، القائل في محكم كتابه المبين{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }الأحزاب58 ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله ، القائل عليه الصلاة والسلام « مَنْ آذَى مُسْلِمًا فَقَدْ آذَانِي وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللهَ تَعَالَى » رواه الطبراني . صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .. أما بعد ! فأوصيكم عباد الله ونفسي معكم بتقوى الله ، فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون ..

إخوة الإيمان والإسلام : إن التعاون على الخير ، والتواصي بالحق ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كلُّ ذلك مِمَّا يَجِبُ علينا القيامُ به ، فنحن مأمورون بالتناصح فيما بيننا ، والتواصي بالحقِّ والصبر عليه ، وَكُلُّ مَاعَرَفَهُ الشرع وأقَّره وأمر به ، فهو معروفٌ يجب الأمر به ، وما أنكره الشرع ونهى عنه ، فهو منكرٌ يجب إزالته ، ولم يُعْذِرْ أحدٌ منا في ذلك ، مادام قادرا عليه بحسب استطاعته ، فمن رأى منكرا أو سمعه ، سواءٌ قولاً أو فعلا ، وجب عليه إنكاره وإزالته ، لا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ أو يَصُدُّهُ خَوْفُ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ ، أو تَخْوِيفُ الشَّيْطَانِ وَإِرْجَافُهُ ، وهو بذلك مُمْتَثِلٌ أَمْرَ الله ، وقائمٌ بحقِّ إخوانه المسلمين من النُّصح لهم ، والشفقة عليهم وإرشادهم ، ومساهمٌ في إصلاح أمته ، وتطهيرها من الرذائل ، والأمراض الخبيثة ، في سنن بن ماجة عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَحْقِرْ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ يَحْقِرُ أَحَدُنَا نَفْسَهُ قَالَ « يَرَى أَمْرًا لِلَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ ، ثُمَّ لاَ يَقُولُ فِيهِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ فِى كَذَا وَكَذَا ، فَيَقُولُ خَشْيَةُ النَّاسِ. فَيَقُولُ فَإِيَّاىَ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى ». وعليه إخوة الإيمان فإن ما يجري في مجتمعنا، واجب الإنكار والإزالة ، وهو هذا الانتشار للأسلحة النارية ، بجميع أنواعها الخفيفة والثقيلة ، واستخدامها العشوائي في الأفراح والمناسبات ، وسط الأحياء السكنية ، وفي كل الأوقات من ليل أونهار ، لهو مصدر قلق وإزعاج لراحة الناس، وإيذاءٌ لهم ، بما يتساقط على رؤوسهم ، فإن فيه إزهاقٌ لأرواحهم ، وصاحب هذا الفعل يكون مرتكبا إثما عظيما ، ولقد أفتى علماؤنا حفظهم الله بحرمة هذه الأفعال ، فهذه الأسلحة ، إنَّما صنعت لحماية الناس، والمحافظة عليهم وتأمين حياتهم ، ولم تصنع لإرهابهم وتخويفهم وإزهاق أرواحهم ، أو للهو أو اللعب بها ، أو التجول والاستعراض بها داخل المدن والأسواق ، فهذه المظاهرُ ليست حضارية ، وفيها إيذاءٌ للناس ، ولا ينبغي أن تكون ، فقد روى الطبراني عن أنسٍ رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « مَنْ آذَى مُسْلِمًا فَقَدْ آذَانِي وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللهَ تَعَالَى » . ويقول سبحانه وتعالى {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }الأحزاب58

كذلك إخوة الإسلام والإيمان: فإن ما يقوم بعض الشباب ، الذين لا يقيمون للإسلام ولا للأعراف وزنا ، من اعتداءات بهذه الأسلحة ، واستخدامها في السرقة واغتصاب حقوق الناس ، وتهديدٌ لأرواحهم، وقتلهم في بعض الأحيان ، إن رفضوا تسليم ممتلكاتهم ، ودفعوا حياتهم ثمنا لها ، فنحسبُهم شهداء عند الله فقد جاء في صحيح البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص رضي الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ » أما هؤلاء الذين يعتدون على أرواح الناس وحرماتهم ، فجزاؤهم في قول الله تبارك تعالى { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }النساء93 وفي قول المصطفى عليه الصلاة والسلام ، فقد جاء في سنن الترمذي عن أَبِى الدَّرْدَاءِ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلاَّ مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ». وفي مسند الإمام أحمد عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الخدري عَنْ نَبِىِّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « يَخْرُجُ عُنَقٌ مِنَ النَّارِ يَتَكَلَّمُ ، يَقُولُ وُكِّلْتُ الْيَوْمَ بِثَلاَثَةٍ ، بِكُلِّ جَبَّارٍ، وَبِمَنْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ، وَبِمَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ. فَيَنْطَوِى عَلَيْهِمْ فَيَقْذِفُهُمْ فِى غَمَرَاتِ جَهَنَّمَ ». وفي صحيح البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِى فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا » . وقال ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حلِّه ، والورطات جمع ورْطة ، وهي الهلكة ، وكل أمر تعسر النجاة منه ، فيامن تستعمل السلاح وتطلق الأعيرة النارية في الهواء ، ويامن تقتل الناس وتسرق ممتلكاتهم ، احذر هذه الورطات ، فإنه لا مخرج لك منها ، وستنال عقابك عاجلا أو آجلا ، فَإِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ لِمَنْ يَعْصِيهِ , يُمْهِلُهً قليلا ، ثم يأخذه أخْذَ عزيز مقتدر ، فالحذر الحذر أيها المسلم.

ثم إننا يا عباد الله: ومن هذا المنبر نناشد أولا : الآباء! فهم يتحملون جزءا من هذه المسئولية ، وعليهم نصح أبنائهم ، بل ومنعهم من استخدام السلاح بهذه الطريقة العشوائية ، وإطلاق الأعيرة النارية في الهواء، أو تهديد الناس بها ،، وكذلك بعض القبائل ،لا تعفى من المسئولية اتجاه ما يحدث ، فلقد كان لها دور هي الأخرى ، في تسليم بعضٍ من هذه الأسلحة على أفرادها، وعلى حكمائها وكبرائها وعقلائها ، أن يقوموا بالضغط والترشيد والتحذير لمن تم بتسليحهم ، من مغبة هذا الاستعمال السيئ للسلاح ،، وكلمة أخيرة للثوار : الذين ثاروا من أجل رفع الظلم عنهم وعن بلادهم ، ومن أجل القضاء على الفساد ، عليهم أن يتعاونوا جميعا ، ويكونوا على قدر المسئولية ، في الحفاظ على أمن البلاد وسلامة العباد ، ولا يكونوا مصدر قلق وإزعاج ورعب وإرهاب ٍللناس ، فالثائر الحق ، هو من يسعى لحماية بلده وأبنائها، ومحاربةِ هذه الظواهر، ولا يكون سببا فيها، فقد قال أحد علمائنا رحمهم الله ، واصفا من يكون الرجل الثائر ، فقال : إن الثائر هو الذي يثور ليهدم الفساد ، ثم يهدأ ليبني البلاد ، وبناء البلاد ، لا يكون بالقوة والقهر والظلم ، فهذه لا يمكن أن تُنْشِئَ حقا أو تقيم سلاما ، فإن العدوان لا يُوَلِّدُ إلا العدوان ، والشعب الليبي بحكمائه وكبرائه وبعقلائه ، لن يعجز بإذن الله ، أن يجد لنفسه بتوفيقٍ من الله وعونه ، مخرجا من هذه الأزمات ، حين يعتصمون بحبل الله، ويكونون جميعًا ولا يتفرقون, يصطفّون عبادًا لله إخوانًا ، حين يترسخ الإيمان ويصفو المعتقد ، وتسود الشريعة ، لأن العاقبة للمتقين , وأن الأرض يرثها عباد الله الصالحون .. وفقنا الله جميعا ووفق شبابنا ، للتقوى والفلاح ، والهدى والصلاح ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ..

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله ، صلوات ربي وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد ! عباد الله : جاء في صحيح مسلم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ ، إِنِ اشْتَكَى عَيْنُهُ ، اشْتَكَى كُلُّهُ ، وَإِنِ اشْتَكَى رَأْسُهُ ، اشْتَكَى كُلُّهُ » فتعالوا إخواننا نتعاون على الخير ، وينصح الواحد منا أخاه ، لكي تتم النعمة ، ويتماسك المجتمع ، وتستقيم أخلاقنا وينتشر البر ، ونفوز برضوان الله ، حتى لا ينزل بنا عقابُ الله وغضبه ، ولقد قصَّ الله علينا في القرآن الكريم ، ماحلَّ بمن قبلنا لمَّا عصوه ، ولم يتناهوا عن المنكر إذا فعلوه ، قال تعالى { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ، كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ، لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }المائدة. فاتقوا الله عباد الله ، وابتعدوا عن هذه المظاهر المسلحة ، التي لا تولد إلا العنف والدمار والخراب ، ولنهتم بأعمالنا وزراعتنا وصناعتنا وتعليمنا وصحتنا وتكوين وتحسين جيشنا وأمننا ، حتى تستقر الأوضاع وتهنأ البلاد ويسر العباد .

أخي المسلم : إن لبلادك ووطنك حقٌ عليك ، فاجعل جزءا من وقتك ودعائك لوطنك ، بأن يمن الله عليه بالأمن والأمان ، وبالسعادة والهناء ، والحفظ من الفتن والشقاء ، ألست تتنفس هوائه، وتشرب من مائه وتأكل من خيراته ، وتعيش على أرضه المباركة الحبيبة ، فلا تنس أخي المسلم وطنك وأهله ، والمسلمون وأوطانهم ، فخصَّ وطنك، وعمِّم المسلمين وأوطانهم جميعا في دعائك ، حتي يستجاب بإذن الله تعالى .. نسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا ، ويجعلها آمنة مطمئنة ، سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين ، اللهم اجعلنا ممن يتخلَّقُ بخلق التسامح ، والعفو والإحسان والتصالح ، واهدنا ياربنا ووفقنا لكل عمل صالح ....

ليست هناك تعليقات

نعتز بديننا وبتراثنا وأصالتنا

المتابعون