من مشكلات مدينتنا سبها
من مشكلات مدينتنا سبها
الحمد
لله رب السماوات ورب الأرض رب العالمين، وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو
العزيز الحكيم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفق من شاء من عباده لأحسن
الأعمال ، وهداهم لما فيه صلاحهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وأشهد أن سيدنا
ونبينا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله ، عمل عملا صالحا فغفر له ماتقدم من ذنبه وما
تأخر، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه الذين ساروا على هديه وتمسكوا
بكتابه وسنته ، ففازوا فوزا عظيما ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين . أمّا
بعد: فأوصيكم أيّها الناس ونفسي بتقوَى
الله عزّ وجلّ، فاتقوا الله رحمكم الله، فأنفاسُ المرءِ خُطاه إلى أجَلِه،
ودقَّاتُ قَلْبِهِ تَعُدُّ عليه سُوَيعاتِ عمُره، كيف يأنَس بالدنيا مفارِقُها؟!
وكيف يأمَن النار واردُها؟! اليَومُ يهدِم الشهرَ، والشّهر يهدِم السنَة،
والسّنواتُ تهدِم العمرَ، ومن طَلب المعالي اشتغَل بالعوالي، ومن لازَم الرُّقاد
فاتَه المراد، ومن دامَ كسَله خابَ أمَله، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ
وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ }{فصت:46}.
أيّها المسلمون :
يقول الله تبارك وتعالى {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً
وَهُمْ نَآئِمُونَ، أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى
وَهُمْ يَلْعَبُونَ، أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ
الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }
عباد الله : المسؤوليّة
عُظمى، والنّاس كلُّهم في سفينةٍ واحدة، ومن خَرقَها غَرِقَ وأغرَقَ الجميعَ،
والتّهاوُن والتساهُل يقود إلى الانفلاتِ والفَوضى، والإحساسُ الجادّ بالمسؤولية
وخطورةِ النتائج ،يَحُثُّ كلَّ عاقل ومسؤول على النّظَر في شؤون بلده ووطنه ،
ينصَح لها، ويسعَى في حِفظ كيانها ، وحمايةِ مرافقها ومؤسساتها ، والاجتماع علَى وحدتها
وتآلفها ، وأمنها وتقدمها ، ورقيها وازدهارها ، وهذا وعدٌ من الله سبحانه وتعالى ،
لمن آمن وعمل صالحا ، بالأمن والأمان والتمكين في الأرض ، يقول جل في علاه {وَعَدَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ، لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم
فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ، وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ، وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً
يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ، وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ
هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55.
إخوة الإيمان :
إن ما يجرى في مدينتنا سبها ، من خروقات أمنية ، وعلى رأسها إطلاق الرصاص العشوائي
بجميع أنواع الأسلحة النارية ، يحتاج منا إلى وَقفةٍ جادّة بل ووَقفاتٍ، للحد من
هذا الفعل السيئ الذي يدل على الجهل والتخلف ، والبعد عن ديننا الحنيف ، الذي
أمرنا بالاقتصاد في كل شيء وعدم التبذير ، فهذا الفعل ياعباد الله يعد تبذيرا ،
وقد نهانا الله عن ذلك فقال جل وعلا {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ
وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً }الإسراء27
.
عباد الله :
إن مصلحة البلاد ومنها واستقرارها فوق مصالح الأفراد ، فهذه الرماية العشوائية
التي تحدث داخل المدينة ، ويتأذى منها الناس وخاصة في مناسبات الأفراح التي أمرنا
الإسلام بالتعبير فيها بما يناسب شرعنا الحنيف لا بما يخالفه ، فمن يقوم بهذا
العمل لا يقدرون المسئولية ، وكأنهم ليسوا من أهل هذه الملة الحنيفة ، لأنهم لا
يدركون خطورة ما يقومون به ، من إيذاء الناس على الأرض ، بما يسقط عليهم ، من هذا
البلاء العظيم ، والشر المستطير ، حتى ركاب الطائرات لم يسلموا من ذلك ، فقد
تعرضوا عدة مرات لهذه الأفعال المشينة ، فما ذنب هؤلاء البشر إن كانوا في الطائرات
أو على الأرض ، من هذه الأفعال المنكرة ، فو الله ياعباد الله إننا مسئولون أمام
الله ، لأننا نرى هذا الفعل ولا نستنكره ، قبل بمن يقوم بهذا العمل ، لأننا نستطيع
إيقافه والحد منه ، ولا نفعل ذلك ، يقول جل وعلا {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ
الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
}الأنفال25 .
معاشر المسلمين :
علينا أن نتعاون جميعا على الحد من هذه الأفعال التي تهدد سلامة وأمن مدينتنا
ومطارها ، فقد رصد ياعباد الله أنه من يقوم بإطلاق النار عِنْيَةً على الطائرات
التي تحمل الركاب الأبرياء ، الذين منهم المريض والطفل والنساء وكبار السن ، فما
ذنب هؤلاء الآمنين ، فإذا لم نقف وقفة رجل واحد ، للحدِّ من هذا المنكر ، تكن فتنة
في الأرض وفساد كبير ، يقول جل وعلا { إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ
وَفَسَادٌ كَبِيرٌ }الأنفال73
في سنن الترمذي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله
عليه وسلم- وَقَفَ عَلَى أُنَاسٍ جُلُوسٍ فَقَالَ « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِكُمْ
مِنْ شَرِّكُمْ ». قَالَ فَسَكَتُوا ، فَقَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فَقَالَ رَجُلٌ
بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنَا بِخَيْرِنَا مِنْ شَرِّنَا. قَالَ « خَيْرُكُمْ
مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ ، وَشَرُّكُمْ مَنْ لاَ يُرْجَى خَيْرُهُ
، وَلاَ يُؤْمَنُ شَرُّهُ ». نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من المصطفين الأخيار ،
الذين يرجى خيرهم ويؤمن شرهم ، أقول قولي
هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور
الرحيم ،ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .. ادعوا الله وأنتم موقنون
بالإجابة ..
الخطبة
الثانية
الحمد
لله رب العالمين يعين من استعان به ، ويوفق إلى الخير من توكل عليه ، ويعصم من
اعتصم به ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، جعل الخير في اتحادنا
وتعاوننا فيما ينفع ديننا ودنيانا ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله ،
ألف بين قلوب المسلمين ، حتى صبحوا مجتمعا واحدا متماسكا ، اللهم صل وسلم وبارك
عليه وعلى آله وأصحابه ، الذين كانوا يقدموا أفضلهم لمن يعينهم على أمور دينهم
وشئون دنياهم ، وسلم تسليما كثيرا . أما بعد فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله ،
فاتقوا الله وأحسنوا يقول سبحانه وتعالى {إِنَّ
اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ }النحل128.
معشر
المسلمين : انطلاقا من قول الله تعالى {وَاعْتَصِمُواْ
بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ }آل
عمران103. واتباعا لهدي سيدنا محمد صلى الله
عليه وسلم القائل في حديثه صلى الله عليه وسلم - قَالَ « الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ
كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا » . وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ . إن
بلادنا مقبلة على مرحلة مباركة تجمع صف البلاد وهي انتخاب المؤتمر الوطني العام ،
وقد فتحت مراكز للتسجيل للمشاركة في هذه الانتخابات ، فعلى المواطنين جميعا ذكورا
وإناثا ممن تنطبق عليهم شروط الانتخاب أن يبادروا بتسجيل أسمائهم ليشاركوا في بناء
ليبيا ، وأن لا يكونوا سلبيين متخاذلين بل يكونوا متجاوبين متعاونين ، لما يسعد
الحاضر ويبني المستقبل السعيد لأبناء الوطن جميعا ، يقول سبحانه وتعالى {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ
وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }التوبة105.
هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله ، على حبيب الحق وشفيع الخلق ، الهادي البشير والسراج
المنير ، كما أمرنا بذلك اللطيف الخبير ، فقال تعالى قولا كريما { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيماً }الأحزاب56
. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، والتابعين ومن
تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين ، اللهم
أعز الإسلام وانصر المسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداءك أعداء الدين ،
واجعل بلدنا هذا سخاء رخاء ، أمنا وأمانا ، وسائر بلاد المسلمين ، اللهم احفظ
بلادنا ، من شر الأشرار، وكيد الفجار، وشر طوارق الليل والنهار، وارزقنا اللهم
صلاح الآل والمآل ، فأنت ولي الجود والكرم والنوال ، اللهم من سعى إلى إصلاح
وتوفيق وتآلف بين الناس ، اللهم ارزقهم الأجر العظيم والثواب الجزيل ، وبارك في
خطاهم واجعل الجنة مثوانا ومثواهم ، إنك سميع قريب مجيب الدعاء ، اللهم اغفر ذنوب
المذنبين من المسلمين , وتب على التائبين , واكتب الصحة والسلامة والعافية لعموم
المسلمين , اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين , ونفس كرب المكروبين , واقض الدين
عن المدينين , واشف مرضانا ومرضى المسلمين , وارحم موتانا وموتى المسلمين
، برحمتك يا أرحم الراحمين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب
النار ، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا
للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم .. عباد الله : {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ
يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } النحل90
. اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر
والله يعلم ما تصنعون .
ليست هناك تعليقات