قضاء حوائج المسلمين
قضاء حوائج المسلمين
الحمد لله الذي يجازي المحسن على إحسانه ،
والمسيئَ على إساءته ، فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها ، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له ، القائل سبحانه وتعالى { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ
، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }الزلزلة87
. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله القائل عليه الصلاة والسلام « مَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ
فَلَيْسَ مِنْهُمْ » صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وصحبه أجمعين ،
والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين . أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله وطاعته ، فاتقوا
الله واعلموا أنه كما أن للكلمة الطيبة
وطلاقة الوجه ، وسماحة الأسلوب أثرا طيبا في سعادة النفوس ، فإن لقضاء حوائج
المسلمين وتيسيرِ مُعَامَلاَتِهم ، يزيدُ هذهِ السَّعادةِ ويُنَمِّيهَا ، وقد حثَّنا ورغبنا رسولنا الكريم صلوات الله
وسلامه عليه على ذلك ، ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ ، قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ
كُرَبِ الدُّنْيَا ، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ،
وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ
، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَاللَّهُ
فِى عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِى عَوْنِ أَخِيهِ . ». وَرَحِمَ اللهُ
مَنْ قَال :
مَنْ
يَفْعَلِ الْخَيْرَ لاَيَعْدَمْ جَوَازِيَّهُ
لاَيَذْهَبُ الْعُرْفَ بَيْنَ
اللهِ وَالنَّاسِ
عباد الله : وإن من الأمانات التي حمَّلها الله إلينا، هذه
الوظائفُ والأعمال ، التي نكتسب منها قوتَنَا وقوت أبنائنا ، والتقصيرُ في أدائها خِيانةٌ
لهذه الأمانة ، يقول الله جل وعلا { يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ
وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ }الأنفال27
. لذلك فإن من الواجبِ علينا إخوةَ الإسلام : الاهتمامُ بمصالحِ المسلمينَ وأمُورِهم،
والسعي في قضاءِ حوائجهم ، وعدم تعطيلها ، لأن من سلك هذا المسلك الذي لا يرتضيهِ
الإسلام لأهله ، وقع تحت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم « مَنْ وَلاَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا مِنْ
أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمُ
، احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ » رواه أبوداود.
فيا أخي المسلم :لا تجعل التقصير في أداء واجبك نحو أخيك المسلم ، سببا لشقائك في
الدنيا والآخرة ، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِى بَيْتِى هَذَا: « اللَّهُمَّ مَنْ وَلِىَ مِنْ
أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ وَلِىَ
مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ ، فَارْفُقْ بِهِ ».
فإن
حرصنا ياعباد الله: على أداء أعمالنا ووظائفنا بكل صدق وإخلاص ، وتفان ورفق بعباد
الله ، عبادةٌ من العبادات ، وطاعةٌ من الطاعات ، التي نتقرب بها إلى الله سبحانه
وتعالى ، متى صَلُحَتْ نَوَايَانَا وَاحْتَسَبْنَا ذلك عند الله جل وعلا ، وبذلك نكون
قد ساهمنا في بناء هذا الوطن ، وتقدمه وازدهاره وَنَمَائِهِ ، وجعلنا لأبنائنا
وشبابنا ، مايتأمَّلُهُ ويرجوه كُلُّ إنسان في هذه الحياة ، يقول سبحانه وتعالى {
وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ، وَسَتُرَدُّونَ
إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
}التوبة105.
إخوة الإيمان :
إن هذه المصالح والمؤسسات ، إنما جعلت لتيسير أمور الناس وقضاء حوائجهم ومصالحهم ،
إلا ـنه من الملاحظ ، أن بعضا ممن يعملون في هذه المصالح والمؤسسات ، منقطعين عن
وظائفهم ، لفترات طويلة ، وقد تم استدعائهم مرات عديدة ، في وسائل الإعلام وغيرها
، إلا أنه لم يستجيبوا لهذه النداءات ، فإننا نناشدهم وننصح لهم بأن يلتحقوا
بأعمالهم ، فوطنهم يناديهم ، وأبناء وطنهم بحاجة ماسة لخدماتهم ، خاصة منهم
الأطباء والممرضين ، ورجال الأمن والجيش ، وغيرهم ممن يحتاح إليهم في أعمال متخصصة
، فهل من مجيب لهذا النداء ، فاتقوا الله في أعمالكم وأنفسكم وأبنائكم لاتربوهم
على المال الحرام ، وبذلك تبعدوهم عن جنة الكريم المنان ، فهذا نبينا عليه الصلاة
والسلام يقول:« لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ » رواه
أحمد . جنبنا
الله جميعا المال الحرام ، ورزفنا المال الحلال الطيب وبارك لنا فيه ، إنه
ولي ذلك والقادر عليه ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب
وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ..
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أوجب على عباده النصح في العبادات
والمعاملات ، وحذرهم من الخيانة في الأمانات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المعروف
بجميل الهبات ، وعظيم الصفات ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله سيد الرسل الذي
رفعه الله أعلى الدرجات ، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الذين كانوا
يفعلون الخيرات ، وينهون عن المنكرات ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان في كل الحالات
.. أما بعد فلنتق الله عباد الله ، ولنتقرب إلى الله تعالى بأعمالنا ووظائفنا،
بمساعدة إخواننا في قضاء حوائجهم ومعاملاتهم ، وألا نَتَقَاعَصَ في
أداء هذه الأعمال ، ولنجعل التعاونَ فيما بيننا هو شعارُنا للحفاظ على مستقبل
بلادنا ، وتقدمها وازدهارها، يقول جل وعلا { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ
وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، وَاتَّقُواْ اللّهَ
إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }المائدة2 .
ليست هناك تعليقات